اقتضاءات نوع الإنسان الأفريقي وشك في بقاء ذلك في هذا الجيل منهم مثلاً فانه يمكن إجراء استصحاب سواد بشرة الإنسان الأفريقي رغم انه لو لوحظت الافراد المتيقنة فهي يعلم زوالها والافراد المشكوك سواد بشرتهم من هذا الجليل يشك في حدوث السواد لهم من أول الأمر إلاّ انه مع ذلك يجري الاستصحاب بلحاظ النوع والطبيعة ، وسوف يأتي انَّ النظرة العرفية ترى وحدة القضيتين في المقام وانَّ منشأ الشك لو كان هو مرور الزمان بحيث لو كان الفرد موجوداً سابقاً كان أسود البشرة جرى الاستصحاب بلحاظ القضية الكلية لصدق أركانه فيها بحسب النّظر العرفي فيكون بهذا المنظار من استصحاب الشخص لا الكلي على تفصيل يأتي في بحث قادم.
ثم انَّ السيد الأستاذ أفاد انَّ هنا قسماً آخر لاستصحاب الكلي سمّاه بالقسم الرابع غير الأقسام الثلاثة التي جرى عليها اصطلاح الشيخ الأعظم ( قده ) وقد مثل له بما إذا علمنا بجنابة يوم الخميس وعلمنا بالاغتسال منها يقيناً ثم وجدنا يوم الجمعة جنابة على الثوب مثلاً بحيث علم بتحقق جنابة بها إجمالاً ولكن شك في انَّ الجنابة الحاصلة بها هل هي نفس الجنابة التي كانت يوم الخميس وقد ارتفعت يقيناً أو انها جنابة أخرى ، وهذا بحسب الحقيقة على عكس القسم الثاني الّذي كان العلم فيه متعلقاً بجامع مردد بين فردين حيث يعلم في المقام بفردين أحدهما بعنوان تفصيلي والآخر بعنوان إجمالي يحتمل انطباقه على نفس الفرد الأول ، وفرقه عن القسم الثالث انه لا يوجد في القسم الثالث إلاّ علم واحد بفرد واحد مع احتمال بقاء الكلي ضمن فرد آخر مشكوك الحدوث واما في هذا القسم فيوجد علمان بفردين بعنوانين تفصيلي وإجمالي يمكن انطباقه على الفرد التفصيليّ. وقد حكم فيه بجريان استصحاب الجنابة المعلومة إجمالا لتمامية أركان الاستصحاب فيه من اليقين بتحقق جنابة مرددة واحتمال بقائها من جهة عدم العلم بكونها هي الجنابة التفصيلية المعلوم ارتفاعها ، نعم هذا الاستصحاب يكون معارضاً مع استصحاب الطهارة المتيقنة يوم الخميس بعد الاغتسال فيتعارضان ويتساقطان ويرجع إلى أصالة الاشتغال في تحصيل الطهارة المشترطة في العبادة (١).
__________________
(١) مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ١١٨