بعد الحدوث فلا يكون قابلاً للاستصحاب ، لأنَّ الجزء المشكوك منه غير الجزء المتيقن والّذي انصرم يقيناً فلم تتحد القضية المتيقنة والقضية المشكوكة. وهذا هو أساس الإشكال في استصحاب الزمان والزمانيات لا عدم كون الشك شكاً في البقاء ليمكن ان يقال في جوابه بعدم اشتراط كون الشك في البقاء في جريان الاستصحاب.
وأيّاً ما كان فهذا الإشكال غير تام لا عقلاً ولا عرفاً ، امّا عقلاً فلما يبرهن عليه في الحكمة من استحالة أَن يكون الزمان مجموعة تجددات وحدوث بعد حدوث فانه يلزم منه امّا القول بالجزء الّذي لا يتجزأ أو القول بانحصار ما لا نهاية له بين حاصرين وكلاهما محال.
وامّا عرفاً ـ والّذي هو المهم في المقام ـ فباعتبار انَّ العرف يرى الزمان امراً واحداً له حدوث وبقاء وزوال ، فالنهار مثلاً الّذي هو اسم لقطعة معينة من الزمان يفهمه العرف بما انه أمر يتحقق منذ تحقق أول آن من آناته ويبقى إلى أَن ينصرم آخر اجزائه وهو يرى الاتصال بين هذه الآنات بحيث يعتبرها ويراها شيئاً واحداً يوجد بهذا النحو من الوجود فلا يكون كل آن جزئيا وفرداً مستقلاً للنهار ليكون من القسم الثالث للكلي ولا كل آن جزء في مجموعة كلها تسمى بالنهار لكي لا يصدق النهار إلاّ بعد تحققها جميعا. بل نسبة الزمان إلى الآنات نسبة الشيء إلى اجزائه ولكن بنحو يختلف عن الكل والجزء في الأمور القارة والتي لا يوجد الكل إلاّ اجزائه بعد تحقق جميع الأجزاء لأنَّ هذا الوجود متحرك ومرن بطبعه فهو يوجد حقيقة بالجزء الأول ويبقى واحداً ومتصلاً وممتداً حتى ينتهي آخر الأجزاء ، وبهذا الاعتبار يكون استصحاب الزمان جارياً لانحفاظ الوحدة المعتبرة في صدق نقض اليقين بالشك فانَّ الميزان في ذلك بالمتفاهم العرفي فحتى إذا قلنا بعدم الوحدة والاتصال عقلاً ـ ولا نقول به ـ كفانا الوحدة بحسب النّظر العرفي ، والدليل على الوحدة عرفا ما نلاحظه من تسمية العرف وتقطيعه للزمان إلى قطعات متعددة لكل قطعة منها وجودا وبقاء وانقضاء على حد الأمور القارة.
والمحقق الخراسانيّ ( قده ) حاول تفادي الإشكال ببيان آخر حاصله : انَّ الحركة إذا كانت حركة توسطية لا قطعية أي حركة صادقة بين المبدأ والمنتهى ونسبة الشيء إلى ما يتحقق بين المبدأ والمنتهى نسبة الكلي إلى افراده جرى الاستصحاب بخلاف ما إذا كانت الحركة قطعية.
إلاّ انَّ هذا البيان لا يكفي لدفع الإشكال ، فانَّ مجرد توسطية الحركية بمعنى كون