وثانياً ـ لا يكفي في انتقاض اليقين باليقين مجرد تعلق اليقين بنقيض المتيقن السابق واقعاً وانَّما ينتقض إذا علم بتعلقه بنقيضه أي علم بالانتقاض وذلك لا يكون إلاّ إذا تعلق اليقين الثاني بنفس العنوان الّذي تعلق به اليقين الأول أو علم بأنَّ مطابقهما الخارجي واحد ، وإلاّ فقد يجتمع يقينان متعاكسان بالرغم من تناقض متعلقهما واقعاً من دون أَن ينتقض أحدهما بالآخر عند القاطع كما إذا كان أحدهما بعنوان والآخر بعنوان آخر فعلم بنجاسة ثوبه عند الغروب وعلم بطهارته عند نزول المطر وكان في واقع الأمر نزول المطر عند الغروب أيضاً ولكنه لا يدري بذلك.
فالحاصل : لا إشكال في عدم صدق نقض اليقين باليقين لمجرد احتمال انطباق المعلوم بأحد اليقينين على معلوم اليقين الآخر سواءً كان أحدهما تفصيليا أم كلاهما إجمالياً ، فلا شبهة من هذه الناحية أيضاً ، وأركان الاستصحاب تامة في الحالتين المتواردين مطلقاً.
الاعتراض الثاني ـ ما أثاره المحقق العراقي ( قده ) من انه لا شك في البقاء ، لأنه لو أُريد طهارة الساعة الأولى مثلاً فنحن نعلم بارتفاعها على تقدير حدوثها ، وان أُريد طهارة الساعة الثانية فنعلم ببقائها على تقدير حدوثها فأي الطهارتين تستصحب؟ (١).
والجواب : أولا ـ انَّ المستصحب هو الجامع بين الحصتين للطهارة وهو يشك في بقائها كما هو الحال في موارد استصحاب الجامع بين الفرد القصير والطويل فانَّ هذا منه بحسب الحقيقة.
وثانياً ـ انَّ الصحيح عدم اشتراط كون الشك في عنوان البقاء بل يكفي في صدق نقض اليقين بالشك الشك بعد الفراغ عن اليقين بحدوث الشيء سواءً صدق الشك في البقاء أم لا على ما تقدم سابقاً.
الاعتراض الثالث ـ ما أثاره المحقق العراقي ( قده ) أيضاً من عدم وجود اليقين بالحدوث ، فانه لا يوجد زمان سابق يمكن أَن نصعد إليه قهقرائياً على حد تعبيره ونكون على يقين فيه بالطهارة ، ويشترط في الاستصحاب اليقين السابق أي وجود زمن سابق تفصيلي يتيقن فيه بالحدوث (٢).
__________________
(١) نهاية الأفكار ، القسم الأول من الجزء الرابع ، ص ٢١٥
(٢) نهاية الأفكار ، القسم الأول من الجزء الرابع ، ص ٢١٦