امَّا الوجه الثبوتي والّذي كان رائجاً قبل الميرزا وقد يستفاد من بعض عبائره فيرد عليه : انه إن أُريد عدم أخذ الشك قيداً مقدر الوجود للحكم بالحجية في مورد الأمارة فهذا مستحيل ، إذ لازمه حجية الأمارة حتى مع العلم بالخلاف ، وقد تقدم في بحوث القطع استحالته.
وان أُريد انه لم يؤخذ قيداً في موضوع الأمارة الحجة وان كان قيداً في الحكم بالحجية فهو حيثية تعليلية لا تقييدية ، فهذا لا أثر له في المقام ، فانه على كل حال إذا أنيط الحكم به كان دليل الأصل صالحاً لرفعه وبالتالي رفع الحكم المنوط به حقيقة.
وامَّا الوجه الإثباتي فيمكن تقريبه بنحوين :
الأول ـ انَّ دليل الأصل حيث جاء في لسانه الشك وعدم العلم والمفروض إرادة العلم بحسب اعتبارات الشارع الخاصة كان دليل جعل العلمية للأمارة رافعاً لموضوع دليل الأصل حقيقة فيكون وارداً عليه ، وامَّا دليل الأمارة فحيث لم يؤخذ في لسانه الشك وعدم العلم فلا دليل على أخذ العلم بهذا المصطلح الخاصّ في موضوعه فيتمسك بإطلاق الحجية حتى لمورد العلم الخاصّ الثابت بالأصل حيث يمكن جعل الحجية للأمارة فيه وانما المحال جعلها في مورد العلم الوجداني ، وبهذا يكون إطلاق دليل حجية الأمارة رافعاً حقيقة لموضوع دليل حجية الأصل دون العكس فيكون وارداً عليه لا محالة.
وهذا التقريب انَّما يتم لو لم ندع أخذ عدم العلم قيداً في أدلة الحجية ارتكازاً أو عقلاً بحيث يعد مخصصاً متصلاً في مرحلة المدلول الاستعمالي للكلام ، فكأنَّه أخذ مفهوم عدم العلم فيه لا مجرد إخراج صورة الاستحالة والعلم الوجداني جداً.
الثاني ـ انَّ دليل الأصل يقترن بقرينة متصلة تمنعه عن إفادة جعل العلمية فلا يكون رافعاً لموضوع الأمارة بخلاف العكس ، وتلك القرينة المتصلة هي أخذ عدم العلم والشك في موضوع الأصل فانَّ هذا لا يناسب مع إرادة إلغاء الشك وجعل العلمية وإلاّ وقع تهافت بين الموضوع والمحمول.
ونلاحظ على هذا التقريب : انَّ الموضوع انما هو عدم العلم من غير ناحية هذا الجعل لا مطلقاً فلا تهافت حتى في اللحاظ ، هذا الا انَّ أصل افتراض انَّ أدلة حجية الأمارات لم يؤخذ في شيء منها عدم العلم وأدلة حجية الأصول أخذ فيها جميعاً عدم