ان هذا القيد لم يكن حاصلا في مورد السؤال الثالث حكم الإمام عليهالسلام بالصحّة فيه وحيث انه كان حاصلا في مورد السؤال السادس فصل الإمام عليهالسلام بين ما إذا علم بسبق النجاسة فقد تنجزت عليه في الأثناء فتبطل الصلاة وبين ما إذا لم يعلم بذلك فيجري استصحاب عدم النجاسة. وهل يكون الثابت بالاستصحاب حينئذ الصحة الواقعية أو الظاهرية؟ جوابه : ان المانع ان كان هو تنجز النجاسة السابقة ولو بوجودها البقائي بحيث يكون مركبا من جزءين وجود النجاسة سابقا وتنجزها بالعلم ونحوه فالاستصحاب ينفي الجزء الأول ظاهرا فتكون الصحة ظاهرية وان كان المانع هو تنجز نفس النجاسة السابقة ولا يكفي تنجز وجودها البقائي في المانعية فالاستصحاب يرفع هذا التنجز واقعا فتكون الصحة واقعية لا ظاهرية.
وبعد ان اتضح فقه هذه الرواية يقع البحث في كيفية الاستدلال بها على قاعدة الاستصحاب.
الاستدلال بالصحيحة الثانية على الاستصحاب
وقد اتضح ان هناك موضعين فيها يمكن ان يستدل بهما على كبرى الاستصحاب لأن جملة ( فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ) قد ورد في موردين من الصحيحة الأول في جواب السؤال الثالث والثاني في الجواب عن السؤال الأخير.
ولا إشكال في ظهور الصحيحة في إعطاء قاعدة كلية وظهورها في ذلك أوضح وأصرح من الصحيحة الأولى لكونها صريحة في التعليل بهذه القاعدة لأن زرارة سأل صريحا عن علة الحكم وضابطته وكذلك التعبير بقوله ( ليس ينبغي ) أظهر في الدلالة على التعليل بكبرى كلية مركوزة مما تقدم في الصحيحة الأولى. وهذا لا كلام فيه وانما الكلام في ان تلك القاعدة الكلية هل هي الاستصحاب أو قاعدة اليقين وفي كيفية استفادة ذلك.
ولا ينبغي الإشكال في ظهور المورد الثاني من الصحيحة في قاعدة الاستصحاب لا اليقين لأن التعبير بقوله ( وان لم تشك ثم رأيته ) وان كان يمكن حمله على إرادة عدم الشك بمعنى العلم بالطهارة في أثناء الصلاة الا ان هذا لا قرينة عليه ولا موجب لتقييده بذلك فاليقين الّذي هو ركن قاعدة اليقين لم يفرض لا في كلام السائل ولا الإمام عليهالسلام