الإجمالي فهو غير متعين على تقدير وجوده بحسب الفرض وان أريد إجراؤه في كل من الطرفين بعنوانه التفصيليّ ولكن بلحاظ الشك في النجاسة الأخرى غير النجاسة الأولى المعلومة بالإجمال فهو أيضا غير معقول لأن النجاسة المعلومة بعد ان كانت غير معينة فغيرها أيضا لا يكون معينا ليمكن تعيين الشك فيها في كل طرف. وان أريد إجراؤها في كل من الطرفين عن مطلق النجاسة ولكن مشروطا بنجاسة الاخر وحيث يعلم بنجاسة أحدهما فيعلم بتحقق شرط أحد الترخيصين على الأقل ولا محذور من تحقق الترخيصين الظاهريين فيما إذا كانا معا نجسين لاستحالة وصولهما معا إلى المكلف معا فلا يلزم التعارض بينهما ، فهذا يرد عليه ما تقدم في بحوث أصالة الاشتغال من عدم مساعدة الأدلة على استفادة التخيير في جريان الأصول العملية في أطراف العلم الإجمالي والا لتمت شبهة المحقق العراقي ( قده ) من لزوم إجراء الأصل الترخيصي في كل طرف مشروطا بترك الطرف الاخر (١).
واما بلحاظ الحكم الواقعي بصحة إحدى الصلاتين بعد انكشاف الخلاف فلانا وان فرضنا شمول دليل معذورية الجهل بالنجاسة للمقام وتخصيص المانعية فيها سنواجه إشكالا ثبوتيا في كيفية تصوير ذلك فانه لو أريد الحكم بصحة أحدهما المعين فالمفروض ان نسبتهما إلى الدليل على حد واحد وان أريد الحكم بصحة أحدهما المردد فلا وجود خارجي للفرد المردد ، وان أريد الحكم بصحة كل منهما كان معناه ان فرض نجاسة كليهما أحسن حالا من فرض نجاسة أحدهما وهو غير محتمل كما انه مخالف لمنجزية العلم الإجمالي ووصول إحدى النجاستين ودعوى : رجوع ذلك إلى تقييد الأمر
__________________
(١) ببالي ان السيد الأستاذ ( قدسسره الشريف ) تراجع عن هذا الإشكال في بحوثه الفقهية وهو الصحيح وذلك :
أولا ـ الصحة جريان الأصل المؤمن في كل من الطرفين مشروطا بكون الآخر نجسا ولا يقاس ذلك بجريان الأصل فيه مشروطا بترك الاخر الّذي لم نقبله فيما سبق فان هذا الأخير ترخيص تخييري بحسب الحقيقة بين الطرفين ومن هنا قلنا انه لا يمكن استفادته من أدلة الترخيص باعتبار ان الملاكات الإلزامية والترخيصية الواقعية تعينية وليست تخييرية واما في المقام فالأصل الترخيصي الجاري في كل من الطرفين تعييني أي يؤمن عن نجاسة ذلك الطرف تعيينا وانما المقدار المحرز جريان أحد الأصلين الترخيصيين التعينيين في الطرفين لا أكثر فالتخييرية في إحرازنا وعلمنا لا في مؤدى الأصل العملي وهذا واضح.
وثانيا ـ لو سلم وجود قصور إثباتي في شمول قاعدة الطهارة الظاهرة في جعل حكم وضعي هو الطهارة وهي صفة للموضوع الخارجي لا العلمي فلا وجه لدعوى القصور في أدلة البراءة الشرعية بل والاستصحاب في شمول غير المعلوم بالإجمال بعنوانه الإجمالي لأن الظاهر منها انها تجعل التأمين الشرعي على وزان التأمين العقلي في هذه الموارد والّذي يكون الميزان فيها الوصول والوجود العلمي إثباتا ونفيا فتأمل جيدا.