القرآن تتوافر الدواعي لنقله ، لانه الاساس للدين الاسلامي ، والمعجز الالهي لدعوة نبي المسلمين ، وكل شيء تتوفر الدواعي لنقله لا بد وأن يكون متواترا. وعلى ذلك فما كان نقله بطريق الآحاد لا يكون من القرآن قطعا.
نعم ذكر السيوطي : أن القاضي أبا بكر قال في الانتصار : ذهب قوم من الفقهاء والمتكلمين إلى إثبات قرآن حكما لا علما بخبر الواحد دون الاستفاضة وكره ذلك أهل الحق ، وامتنعوا منه (١).
وهذا القول الذي نقله القاضي واضح الفساد ـ لنفس الدليل المتقدم ـ وهو أن توفر الدواعي للنقل دليل قطعي على كذب الخبر إذا اختص نقله بواحد أو اثنين. فإذا أخبرنا شخص أو شخصان بدخول ملك عظيم إلى بلد ، وكان دخول ذلك الملك إلى ذلك البلد مما يمتنع في العادة أن يخفى على الناس ، فإنا لا نشك في كذب هذا الخبر إذا لم ينقله غير ذلك الشخص أو الشخصين ، ومع العلم بكذبه كيف يكون موجبا لاثبات الآثار التي تترتب على دخول الملك ذلك البلد. وعلى ذلك ، فإذا نقل القرآن بخبر الواحد ، كان ذلك دليلا قطعيا على عدم كون هذا المنقول كلاما إلهيا ، وإذا علم بكذبه ، فكيف يمكن التعبد بالحكم الذي يشتمل عليه.
وعلى كل حال فلم يختلف المسلمون في أن القرآن ينحصر طريق ثبوته والحكم بأنه كلام إلهي بالخبر المتواتر.
وبهذا يتضح أنه ليست بين تواتر القرآن ، وبين عدم تواتر القراءات أية ملازمة ، لان أدلة تواتر القرآن وضرورته لا تثبت ـ بحال من الاحوال ـ تواتر
__________________
١ ـ الاتقان في النوع ٢٢ ـ ٢٧ ج ١ ص ٢٤٣ الطبعة الثالثة.