(٣)
وقال ابن الجزري أيضا : وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف فيه بصحة السند ، وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، وان ما جاء مجئ الآحاد لا يثبت به قرآن. هذا مما لا يخفى ما فيه ، فإن التواتر إذا ثبت لا يحتاج فيه إلى الركنين الاخيرين من الرسم وغيره ، إذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجب قبوله ، وقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه ، وإذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف ، الثابت عن هؤلاء الائمة السبعة وغيرهم. ولقد كنت ـ قبل ـ اجنح إلى هذا القول ، ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف.
(٤)
وقال الامام الكبير أبو شامة في مرشده : وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين ، وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة أي كل فردفرد ما روي عن هؤلاء السبعة. قالوا : والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب. ونحن بهذا نقول ، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق ، واتفقت عليه الفرق ، من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض ، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها (١).
(٥)
وقال السيوطي : وأحسن من تكلم في هذا النوع إمام القراء في زمانه شيخ شيوخنا أبو الخير ابن الجزري. قال في أول كتابه ـ النشر ـ كل قراءة
__________________
١ ـ النشر في القراءات العشر ج ١ ص ١٣.