يهتمون بشأن القرآن ، ويحتفظون به أكثر من اهتمامهم بأنفسهم ، وبما يهمهم من مال وأولاد. وقد ورد أن بعض النساء جمعت جميع القرآن. أخرج ابن سعد في الطبقات : أنبأنا الفضل بن دكين ، حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع ، قال : حدثتني جدتي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث ، وكان رسول الله (ص) يزورها ، ويسميها الشهيدة وكانت قد جمعت القرآن ، ان رسول الله ـ ص ـ حين غزا بدار ، قالت له : أتأذن لي فأخرج معك أداوي جرحاكم وامرض مرضاكم لعل الله يهدي لي شهادة؟ قال : إن الله مهد لك شهادة ... (١) وإذا كان هذا حال النساء في جمع القران فكيف يكون حال الرجال؟ وقد عد من حفاظ القرآن على عهد رسول الله (ص) جم غفير. قال القرطبي : قد قتل يوم اليمامة سبعون من القراء ، وقتل في عهد النبي (ص) ببئر معونة مثل هذا العدد (٢).
وقد تقدم في الرواية العاشرة أنه قتل من القراء يوم اليمامة أربعمائة رجل على أن شدة اهتمام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرآن ، وقد كان له كتاب عديدون ، ولا سيما أن القرآن نزل نجوما في مدة ثلاث وعشرين سنة ، كل هذا يورث لنا القطع بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قد أمر بكتابة القرآن على عهده. روى زيد بن ثابت ، قال : كنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نؤلف القرآن من الرقاع. قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفيه الدليل الواضح : أن القرآن إنما جمع على عهد رسول الله (٣).
وأما حفظ بعض سور القرآن أو بعض السورة فقد كان منتشرا جدا ، وشذ
__________________
١ ـ الاتقان النوع ٢٠ ج ١ ص ١٢٥.
٢ ـ الاتقان النوع ٢٠ ص ١٢٢ ، وقال القرطبي في تفسيره ج ١ ص ٥٠ : وقتل منهم القراء في ذلك اليوم يوم اليمامة فيما قيل سبعمائة.
٣ ـ المستدرك ج ٢ ص ٦١١.