الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢ : ١٠٩ ».
فعن ابن عباس وقتادة والسدي ، أنها منسوخة بآية السيف. واختاره أبو جعفر النحاس (١). وآية السيف هو قوله تعالى :
« قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٩ : ٢٩ ».
والالتزام بالنسخ ـ هنا ـ يتوقف على الالتزام بأمرين فاسدين :
الاول : أن يكون ارتفاع الحكم الموقت بانتهاء وقته نسخا ، وهذا واضح الفساد ، فإن النسخ إنما يكون في الحكم الذي لم يصرح فيه لا بالتوقيت ولا بالتأييد. فإن الحكم إذا كان موقتا ـ وإن كان توقيته على سبيل الاجمال ـ كان الدليل الموضح لوقته ،
والمبين لانتهائه من القرائن الموضحة للمراد عرفا ، وليس هذا من النسخ في شئ. فإن النسخ هو رفع الحكم الثابت الظاهر بمقتضى الاطلاق في الدوام وعدم الاختصاص بزمان مخصوص.
وقد توهم الرازي أن من النسخ بيان الوقت في الحكم الموقت بدليل منفصل وهو قول بين الفساد ، وأما الحكم الذي صرح فيه بالتأييد ، فعدم وقوع النسخ فيه ظاهر.
__________________
١ ـ في كتابه الناسخ والمنسوخ ص ٢٦ طبع المكتبة العلامية بمصر.