على القاتل بمجرد مطالبة ولي المرأة بالقصاص ، كما عليه الجمهور. وأنى لهم إثباته؟ فإنهم قد يتمسكون لاثباته باطلاق الاية الثانية على ما صرحوا به في كلماتهم ، وبعموم قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : المسلمون تتكافأ دماؤهم وقد عرفت ما فيه. وقد يتمسكون لاثبات ذلك بما رووه عن قتادة عن سعيد بن المسيب : أن عمر قتل نفرا من أهل صنعاء بامرأة وقادهم بها.
وعن ليث عن الحكم عن علي وعبد الله قالا : إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود. وعن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده : أن رسول الله (ص) قال : إن الرجل يقتل بالمرأة (١).
وهو باطل من وجوه :
١ ـ إن هذه الروايات ـ لو فرضت صحتها ـ مخالفة للكتاب ، وما كان كذلك لا يكون حجة. وقد عرفت ـ فيما تقدم ـ قيام الاجماع على أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد.
٢ ـ إنها معارضة بالروايات المروية عن أهل البيت (ع) وبما رواه عطاء والشعبي ، والحسن البصري عن علي عليهالسلام أنه قال في قتل الرجل امرأة : إن أولياء المرأة إن شاءوا قتلوا الرجل وأدوا نصف الدية ، وإن شاءوا أخذوا نصف دية الرجل (٢).
٣ ـ إن الرواية الاولى منها من المراسيل ، فإن ابن المسيب ولد بعد مضي سنتين من خلافة عمر (٣) فتبعد روايته عن عمر بلا واسطة ، وإذا سلمنا صحتها فهي تشتمل على نقل فعل عمر ، ولا حجية لفعله في نفسه ، وأن الرواية الثانية
__________________
١ ـ أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ١٣٩.
٢ ـ نفس المصدر ج ١ ص ١٢٠.
٣ ـ تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٨٦.