اجتهاده ورأيه ، بل وهذان الاحتمالان مخالفان لتصريح عمر في خطبته : متعتان كانتا على عهد رسول اله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما.
وإذن فقد انحصر الامر في أن التحريم كان اجتهادا منه على خلاف قول رسول الله بالاباحة ، ولاجل ذلك لم تتبعه الامة في تحريمه متعة الحج وفي ثبوت الحد في نكاح المتعة ، فإن اللازم على المسلم أن يتبع قول النبي (ص) وأن يرفض كل اجتهاد يكون على خلافة:
« وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ٣٣ : ٣٦ ».
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما أحللت إلا ما أحل الله ، ولا حرمت إلا ما حرم الله (١). وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه ـ فمه ـ إلا حق (٢). ومع هذا كله : فقد قال القوشجي في الاعتذار عن تحريم عمر المتعة ، خلافا لرسول الله وأجيب : بأن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه ، فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع (٣).
وقال الامدي : اختلفوا في أن النبي (ص) هل كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه؟ فقال أحمد بن حنبل ، والقاضي أبو يوسف : إنه كان متعبدا به وجوز الشافعي في رسالته ذلك من غير قطع ، وبه قال بعض أصحاب الشافعي والقاضي عبد الجبار ، وأبو الحسين البصري ، ثم قال : والمختار جواز ذلك عقلا ووقوعه سمعا (٤).
__________________
١ ـ طبقات ابن سعد طبعة مصر ج ٤ ص ٧٢ ، وبمضمونها رواية ما بعدها.
٢ ـ رواه أبو داود ـ التاج ج ١ ص ٦٦.
٣ ـ شرح التجريد في مبحث الامامة.
٤ ـ الاحكام في اصول الاحكام ج ٤ ص ٢٢٢.