عنها. وقد أوضحنا ـ فيما سبق ـ أن العام المتأخر لا يكون ناسخا للخاص المتقدم ، فكيف بالمطلق إذا سبقه المقيد (١)؟.
٢ ـ ومنهم من قال : إن الآية نزلت في الكفار جميعا ، فنسخت في خصوص المشرك نسب ذلك إلى قتادة ، ومجاهد ، والحكم ، وهو المشهور من مذهب أبي حنيفة (٢).
ويرده :
أن هذا القول واضح البطلان كالقول السابق ، فإن ذلك موقوف على أن تكون آيات السيف متأخرة في النزول عن هذه الآية ، ولا يمكن القائل بالنسخ إثبات ذلك ، ولا سند له غير التمسك بخبر الواحد ، وقد أوضحنا أن خبر الواحد لا يثبت به النسخ إجماعا ، ولو فرضنا ثبوت ذلك ، فلا دليل على كون آيات السيف ناسخة لها ، ليصح القول المذكور ، بل تكون هذه الآية مقيدة لآيات السيف ، وذلك : لاجماع الامة على أن هذه الآية قد شملت المشركين أو أنها مختصة بهم ، وعلى ذلك كانت الآية المباركة قرينة على تقييد آيات السيف لما أشرنا إليه آنفا من أن المطلق لا يصلح أن يكون ناسخا للمقيد ، وإذا أغمضنا عن ذلك كانت هذه الآية الكريمة معارضة لآيات السيف بالعموم من وجه ، ومورد الاجتماع هو المشرك الاسير بعد الاثخان ، ولا مجال للالتزام بالنسخ فيه.
٣ ـ ومنهم من قال : إن الآية ناسخة الآية السيف نسب ذلك إلى الضحاك وغيره (٣).
ويرده :
__________________
١ ـ قد فصلنا الكلام في ذلك في بحث العموم والخصوص من كتابنا أجود التقريرات
٢ ـ تفسير القرطبي ج ١٦ ص ٢٢٧.
٣ ـ نفس المصدر.
( البيان ـ ٢٤ )