الثاني : من ضل الطريق فانحرف يمنة ويسرة إلا أنه لم يعاند الحق ، وإن ضل عنه لتقصيره ، وزعم أن ما اتبعه هو الدين ، وما سلكه هو الصراط السوي.
الثالث : من دعاه حب المال والجاه إلى العناد فعاند الحق ونابذه ، سواء أعرف الحق ثم جحده أم لم يعرفه. ومثل هذا ـ في الحقيقة ـ قد عبده هواه ، كما أشار سبحانه إليه بقوله :
« أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ٤٥ : ٢٢ ».
وهذا الفريق أشد كفرا من سابقه ، فهو يستحق الغضب الالهي بعناده زائدا على ما يستحقه بضلاله.
وبما أن البشر لا يخلو من حب الجاه والمال ، ولا يؤمن عليه من الوقوع في الضلال ، وغلبة الهوى ما لم تشمله الهداية الربانية ، كما أشير إلى هذا في قوله تعالى :
« وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٤ : ٢١ ».
لقن الله عبيده أن يطلبوا منه الهداية ، وأن يقولوا : « اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ » فالعبد يطلب من ربه الهداية المختصة بالمؤمنين ، وقد قال تعالى :
« وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ٢ : ٢١٣ ».
ويسأله أن يدخله في زمرة من أنعم عليهم وفي السالكين طريقتهم ، كما أشير إليه بقوله تعالى :
« أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ