قلت :
المراد بالآية المباركة أنه تعالى لا يخلو منه مكان ، وأنه محيط بما في السماوات وما في الارض ، ولا تخفى عليه منها خافية ، ويشهد لهذا قوله تعالى في آخر الآية الكريمة :
« يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ٦ : ٣ ».
وقد روى أبو جعفر وهو محمد بن نعمان في ظن الصدوق قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل :
« وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ ٦ : ٣ ».
قال عليهالسلام : كذلك هو في كل مكان ، قلت : بذاته؟ قال : ويحك إن الاماكن أقدار ، فإذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق : علما وقدرة وإحاطة وسلطانا ... (١).
والالف واللام : من كلمة الجلالة وإن كانت جزء منها على العلمية ، إلا أن الهمزة فيها همزة وصل تسقط في الدرج ، إلا إذا وقعت بعد حرف النداء ، فتقول يا الله بإثبات الهمزة وهذا مما اختص به لفظ الجلالة ، ولم يوجد نظيره في كلام العرب قط ، ولا مضايقة في كون كلمة الجلالة من المنقول ، وعليه فالاظهر أنه مأخوذ من كلمة لاه بمعنى الاحتجاب والارتفاع ، فهو مصدر مبني للفاعل ، لانه سبحانه هو المرتفع حقيقة الارتفاع التي لا يشوبها انخفاض ، وهو ـ في غاية ظهوره بآثاره وآياته ـ محتجب عن خلقه بذاته ، فلا تدركه الابصار ولا تصل إلى كنهه الافكار :
__________________
١ ـ تفسير البرهان ج ١ ص ٣١٥.