غالبا في الغرائز واللوازم غير المنفكة عن الذات : كالعليم والقدير والشريف ، والوضيع والسخي والبخيل والعلي والدني. فالفارق بين الصفتين : أن الرحيم يدل على لزوم الرحمة للذات وعدم انفكاكها عنها ، والرحمن يدل على ثبوت الرحمة فقط. ومما يدل على أن الرحمة في كلمة رحيم غريزة وسجية : أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن عند ذكر متعلقها إلا متعدية بالباء ، فقد قال تعالى :
« إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ١٤٣٢. وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ٣٣ : ٤٣ ».
فكأنها عند ذكر متعلقها انسلخت عن التعدية إلى اللزوم. وذهب الآلوسي إلى أن الكلمتين ليستا من الصفات المشبهة ، بقرينة إضافتهما إلى المفعول في جملة : رحمن الدنيا والآخرة وحريمهما. والصفة المشبهة لا بد من أن تؤخذ من اللازم (١).
وهذا الاستدلال غريب ، لان الاضافة في الجملة المذكورة ليست من الاضافة إلى المفعول بل هي من الاضافة إلى المكان أو الزمان. ولا يفرق فيها بين اللازم والمتعدي.
ثم إنه قد ورد في بعض الروايات : أن الرحمن اسم خاص ومعناه عام وأما لفظ الرحيم فهو اسم عام ، ومعناه خاص ومختص بالآخرة أو بالمؤمنين (٢) إلا أنه لا مناص من تأويل هذه الروايات أو طرحها ، لمخالفتها الكتاب العزيز ، فانه قد استعمل فيه لفظ الرحيم من غير اختصاص بالمؤمنين أو بالآخرة ففي الكتاب العزيز :
__________________
١ ـ تفسير الآلوسي ج ١ ص ٥٩.
٢ ـ تفسير الطبري ج ١ ص ٤٣ ، وتفسير البرهان ج ١ ص ٢٨.