ثم لا ادري يا محمد إذا فعلت هذا كله اؤمن بك أو لا اؤمن بك ، لو رفعتنا إلى السماء ، وفتحت أبوابها ، ودخلناها لقلنا إنما سكرت أبصارنا وسحرتنا ..
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اللهم أنت السامع لكل صوت ، والعالم بكل شيء ، تعلم ما قاله عبادك ..
وأما قولك : إن هذا ملك الروم ، وملك الفرس لا يبعثان رسولا إلا كثير المال .. فإن الله له التدبير والحكم ، لا يفعل على ظنك وحسابك واقتراحك ، بل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .. فلو كان النبي صاحب قصور يحتجب فيها ، أو عبيد وخدام يسترونه عن الناس أليس كانت الرسالة تضيع والامور تتباطأ؟
وأما قولك لي : ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده فالملك لا تشاهده حواسكم ، لانه من جنس هذا الهواء لاعيان منه ، ولو شاهدتموه بأن يزاد في قوى أبصاركم لقلتم : ليس هذا ملك بل هذا بشر لانه إنما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتفهموا عنه مقاله ..
وأما قولك : ما أنت إلا رجلا مسحورا فكيف أكون كذلك وأنتم تعلمون أني في التمييز والعقل فوقكم ، فهل جربتم علي مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة جريرة أو كذبة أوخنى ، أو خطأ من القول أو سفها من الرأي؟ أتظنون أن رجلا يعتصم طول هذه بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته ..؟.
وأما قولك : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم .. فإن الله ليس يستعظم مال الدنيا كما تستعظمه أنت ، ولا خطر له عنده كماله عندك .. وليس هو عز وجل مما يخاف أحدا كما تخافه لما له وحاله.
وأما قولك : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا ، إلى آخر ما قلته ، فإنك اقترحت على محمد رسول الله أشياء : منها ما لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته ، ورسول الله يرتفع أن يغتنم جهل الجاهلين ويحتج عليهم بما لا حجة فيه. ومنها ما لو جاءك به كان معه هلاكك ، وإنما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان ، لئلا يهلكوابها ، فإنما اقترحت هلاكك ، ورب العالمين أرحم بعباده ، وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم كما يقترحون ، ومنها المحال الذي لا يصح ولا