الاكتشافات. وهذه الانباء في القرآن كثيرة ، نتعرض لها عند تفسيرنا الايات التي تشير إليها إن شاء الله تعالى.
وقد أخذ القرآن بالحزم في إخباره عن هذه الامور ، فصرح ببعضها حيث يحسن التصريح ، وأشار إلى بعضها حيث تحمد الاشارة ، لان بعض هذه الاشياء مما يستعصي على عقول أهل ذلك العصر ، فكان من الرشد أن يشير إليها إشارة تتضح لاهل العصور المقبلة حين يتقدم العلم ، وتكثر الاكتشافات.
ومن هذه الاسرار التي كشف عنها الوحي السماوي ، وتنبه إليها المتأخرون ما في قوله تعالى :
« وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ١٥ : ١٩ ».
فقد دلت هذه الاية الكريمة على أن كل ما ينبت في الارض له وزن خاص ، وقد ثبت أخيرا أن كل نوع من أنواع النبات مركب من أجزاء خاصة على وزن مخصوص ، بحيث لو زيد في بعض أجزائه أو نقص لكان ذلك مركبا آخر. وان نسبة بعض الاجزاء إلى بعض من الدقة بحيث لا يمكن ضبطها تحقيقا بأدق الموازين المعروفة للبشر.
ومن الاسرار الغريبة ـ التي أشار إليها الوحي الالهي ـ حاجة إنتاج قسم من الاشجار والنبات إلى لقاح الرياح. فقال سبحانه :
« وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ١٥ : ٢٢ ».
فإن المفسرين الاقدمين وإن حملوا اللقاح في الاية الكريمة على معنى الحمل ، باعتبار أنه أحد معانيه ، وفسروا الاية المباركة بحمل الرياح للسحاب ، أو المطر الذي يحمله السحاب ، ولكن التنبيه على هذا المعنى ليس فيه كبير اهتمام ،