الله قد زالت الشمس أو لا تصلي ؟ فنزل وقال : «إئتوني بماء» فقيل له : ما معنا ماء .
فبحث عليه السلام الأرض بيده فنبع من الأرض الماء فأخذ ما توضَّأ به هو ومن معه .
والماء باق إلى يومنا هذا ، ويقال للمنبع «عين الرضا» ، وإنّ إنساناً حفر المنبع ليجري الماء ، ويتخذ عليه مزرعة ، فذهب الماء وانقطع مدَّة ، ثمّ أهيل التراب فيه ، فعاد الماء ، والموضع مشهور .
وأما فضيلة إسماعيل عليه السلام ، فهو ما نبّه عليه الله تعالى من قوة يقينه ، وتسليمه لأمر الله تعالى ، والانقياد لحكمه ، والصبر على ما ابتلاه به من الذبح ، وعظيم المحنة ، وشديد البلوى ، كما قال الله تعالى : ( إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) (١) .
وقد وقع لعليّ عليه السلام مثل ذلك ، حين أمر الله تبارك وتعالى نبيّه (ص) بالخروج من مسقط رأسه ، مهاجراً إلى المدينة ، إذ لم يبق بها ناصر ، وقد تألب المشركون عليه واجتمعوا ، وصارت كلمتهم واحدة على ذلك ، وأمره الله تعالى أن يلتمس من ينام مكانه ، ويقوم مقامه ، ويعرض للأعداء نحره ، وللبلاء صدره ، ليدفع به عن نفسه مضرّة البوار ، ومعرّة (٢) الكفار ، فذكر (ص) ذلك لعليّ عليه السلام ، فهشّ إليه ، وما تلكأ ، وأسرع إلى الامتثال ، وتلقى بالقبول والإِقبال عليه ، ونام على الفراش غير مكترث ، وتعرض للأعداء والقتل غير محتفل ، وقد أنزل الله تبارك وتعالى في شأنه : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (٣) .
___________________
(١) سورة الصافات / الآية : ١٠٢ .
(٢) في ع : معركة .
(٣) سورة البقرة / الآية : ٢٠٧ .