ثمّ نظر الرضا عليه السلام إلى عمرو بن هذّاب وقال : «إنْ أنا أخبرتك بأنك ستبلى في هذه الأيّام بدم ذي رحم لك ، كنت مصدقاً لي ؟» قال : لا ، فإنّ الغيب لا يعلمه إلّا الله .
قال عليه السلام : «أو ليس الله يقول : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) (١) فرسول الله (ص) عنده مرتضى ، ونحن ذريّة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ؛ وإنّ الذي أخبرتك به يا ابن هذاب لكائن إلى خمسة أيّام ، فإن لم يصحّ ما قلت لك في هذه المدَّة فإنّي كذَّاب ، وإنْ صحَّ فتعلم أنّك الرادُّ على الله وعلى رسوله ؛
ولك دلالة أخرىٰ أما إنّك ستصاب ببصرك ، وتصير مكفوفاً ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً ، وهذا كائن بعد أيّام ؛
ولك دلالة أخرى : أنّك ستحلف يميناً كاذبة ، فتضرب بالبرص» .
قال محمّد بن الفضل : تالله لقد نزل ذلك كلّه بابن هذّاب ، فقيل له : صدق الرضا عليه السلام ، أم كذب ؟ قال : والله ، لقد علمت في الوقت الذي أخبرني به أنّه كائن ، ولكنني كنت أتجلد .
ثمّ إنّ الرضا عليه السلام التفت إلى الجاثليق فقال : «هل دلَّ الإِنجيل على نبوة محمّد (ص) ؟» قال : لو دلّ الإِنجيل على ذلك لما جحدناه .
فقال عليه السلام : « أخبرني بالسكتة (٢) التي لكم في السفر الثالث فقال الجاثليق : اسم من أسماء الله تعالى ، لا يجوز لنا أن نظهره . »
___________________
(١) سورة الجن / الآية : ٢٧ .
(٢) في ع ، م : ما السكينة .