بالموائد ، فأكل وشرب وأمر الحاجب أن يُخرج الناس من مجلسه ، فبقيت أنا وهو ، ثمّ دعا سيافاً له ، فقال : يا سيّاف . قال : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : الساعة احضر جعفر بن محمّد وأشغله بالكلام ، فإذا رفعت عمامتي عن رأسي فاضرب عنقه . قال السيّاف : نعم يا سيّدي .
قال : فلحقت السيّاف ، وقلت : ويلك يا سيّاف ، أتقتل ابن رسول الله (ص) ؟! فقال : لا والله ، ولا أفعل ذلك . فقلت : وما الذي تفعل ؟!
قال : إذا حضر جعفر بن محمّد ، وشغله بالكلام ، وقلع قلنسوته من رأسه ضربت عنق الدوانيقيّ ، ولا أبالي إلى ما صرت إليه . قلت : الرأي الذي أصبت .
قال : فأحضر جعفر بن محمّد عليهما السلام على حمار مصري ، وكان ينزل موضع الخلفاء ، فلحقته في الستر وهو يقول : «يا كافي موسى فرعون ، اكفني شرّه» .
ثمّ لحقته في الستر الذي بيني (١) وبين الدوانيقيّ ، وهو يقول : «يا دائم يا دائم» . ثمّ أطبق شفتيه ، ولم أدر ما قال ، فرأيت القصر يموج كأنّه سفينة في لجّة البحر ، ورأيت الدوانيقيّ يسعى بين يديه ، حافي القدم ، مكشوف الرأس ، وقد اصطكت أسنانه ، وارتعدت فرائصه ، وأخذ بعضده ، وأجلسه على سريره ، وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه ، وقال : يا مولاي ، ما الذي جاء بك ؟ قال : «قد دعوتني فجئتك» قال : مرني بأمرك . قال : «أسألك أن لا تعود تدعوني حتّى أجيئك . قال : سمعاً وطاعة لأمرك .
ثمّ قام وخرج صلوات الله عليه وآله ، ودعا أبو جعفر الدوانيقيّ
___________________
(١) في ع : بينه .