جعفر : مكانك يا شيخ ، فإنّه جرى على يدي أمر لأذكره لك ، فإنّه نصرة لمذهبك .
ثمّ قال لي : إنّه كان لي رفيق يتعلّم معي ، وكان في محلة باب البصرة رجل يروي الأحاديث ، والناس يسمعون منه ، يقال له : (أبو عبد الله المحدث) وكنت ورفيقي نذهب إليه برهة من الزمان ، ونكتب عنه الأحاديث ، وكلّما أملى حديثاً من فضائل أهل البيت عليهم السلام طعن فيه وفي روايته ، حتّى كان يوماً من الأيّام فأملى في فضائل البتول الزهراء وعليّاً صلوات الله عليهما ، ثمّ قال : وما تنفع هذه الفضائل عليّاً وفاطمة ، فإنّ عليا يقتل المسلمين . وطعن في فاطمة ، وقال فيها كلمات منكرة .
قال جعفر فقلت لرفيقي : لا ينبغي لنا أن نأتي (١) هذا الرجل ، فإنّه رجل لا دين له ولا ديانة ، وإنّه لا يزال يطوّل لسانه في عليّ وفاطمة ، وهذا ليس بمذهب المسلمين .
قال رفيقي : إنّك لصادق ، فمن حقنا أن نذهب إلى غيره [ فإنه رجل ضال . فعزمنا أن نذهب إلى غيره ] ولا نعود إليه .
فرأيت من الليلة كأنّي أمشي إلى المسجد الجامع ، فالتفت فرأيت أبا عبد الله المحدّث ، ورأيت أمير المؤمنين راكباً حماراً مصرياً ، يمشي إلى المسجد الجامع ، فقلت في نفسي : واويلاه أخاف أن يضرب عنقه بسيفه . فلمّا قرب منه ضرب بقضيبه عينه اليمنى ، وقال له : «يا ملعون ، لم تسبني وفاطمة ؟!» فوضع المحدّث يده على عينه اليمنى ، وقال : أو أعميتني .
قال جعفر : فانتبهت وهممت أن أذهب إلى رفيقي وأحكي له ما رأيت ، فإذا هو قد جاءني متغير اللون ، فقال : أتدري ما وقع ؟! فقلت
___________________
(١) في ر ، ع ، ص : نأخذ من .