الباب ، فخرجت إليَّ فضّة فأذنت لي ، فدخلت وإذا فاطمة جالسة ، وعليها عباءة قد اعتجرت (١) بها واستترت ، فلمّا رأتني قالت : «يا سلمان ، اجلس واعقل واعلم أنّي كنت جالسة بالأمس مفكّرة في وفاة رسول الله (ص) ، والحزن يتردد في صدري ، وقد كنت رددت باب حجرتي بيدي ، فانفتح من غير أن يفتحه أحد ، وإذا أنا بأربع (٢) جواري ، فدخلن عليَّ ، لم ير الراؤن بحسنهن ونظارة وجوههن ، فلمّا دخلن قمت إليهن مستنكرة لهن ، فقلت : أنتن من أهل المدينة أم من أهل مكّة ؟ فقلن : لا من أهل المدينة ، ولا من أهل مكّة ، ولا من أهل الأرض ، نحن من الحور العين ، أرسلنا إليك ربّ العالمين يا ابنة رسول الله لنعزّيك بوفاة رسول الله (ص)» .
قالت فاطمة عليها السلام : «فقلت لإِحداهن : ما اسمك ؟ قالت : ذرّة . قلت : حبيبتي لِمَ سمّيت ذرّة ؟ قالت : سمّيت ذرة لأبي ذر الغفاريّ ، صاحب أبيك رسول الله (ص) .
فقلت للأخرى : وأنت ما اسمك ؟ قالت : أنا سلمى . فقلت : لِمَ سمّيت سلمى ؟ قالت : لأني لسلمان الفارسيّ ، صاحب رسول الله (ص) .
وقلت للأخرى : ما اسمك ؟ قالت : مقدودة . فقلت : حبيبتي ، ولِمَ سمّيت مقدودة ؟ قالت : لأنّي للمقداد بن الأسود الكنديّ ، صاحب رسول الله (ص) .
فقلت للأخرى : ما اسمك ؟ قالت : عمّارة . قلت : ولِمَ سمّيت عمّارة ؟ قالت : لأنّي لعمّار بن ياسر ، صاحب رسول الله (ص) .
فأهدين إليَّ هدية ، أخبأت لك منها» ثمّ أخرجت لي طبقاً
___________________
(١) اعتجرت : لفت رأسها . «النهاية ٣ : ١٨٥» .
(٢) في ك ، م : بثلاث .