من أصحابه ما وقع ، وألجأه ذلك إلى مصالحة معاوية ، فصالحه ، واشتدّ ذلك على خواص أصحابه ، فكنت أحدهم فجئته فعذلته ، فقال : «يا جابر ، لا تعذلني ، وصدِّق رسول الله في قوله : (إنَّ ابني هذا سيّد ، وإنَّ الله تعالى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)» .
فكأنّه لم يشف ذلك صدري فقلت : لعل هذا شءً يكون بعد ، وليس هذا هو الصلح مع معاوية ، فإنّ هذا هلاك المؤمنين وإذلالهم ، فوضع يده على صدري وقال : «شككت وقلت كذا» .
قال : «أتحب أن أستشهد رسول الله (ص) الآن حتّى تسمع منه ؟!» فعجبت من قوله ، إذ سمعت هدّة ، وإذا بالأرض من تحت أرجلنا انشقت ، وإذا رسول الله (ص) ، وعليّ وجعفر وحمزة عليهم السلام قد خرجوا منها ، فوثبت فزعاً مذعوراً ، فقال الحسن : «يا رسول الله ، هذا جابر ، وقد عذلني بما قد علمت» .
فقال (ص) لي : «يا جابر ، إنّك لا تكون مؤمناً حتّى تكون لأئمتك مسلّماً ، ولا تكون عليهم برأيك معترضاً ، سلّم لابني الحسن ما فعل ، فإنّ الحقّ فيه ، إنّه دفع عن حياة (١) المسلمين الاصطلام بما فعل ، وما كان ما فعله إلّا عن أمر الله ، وأمري» .
فقلت : قد سلمت يا رسول الله . ثمّ ارتفع في الهواء هو وعليّ وحمزة وجعفر ، فما زلت أنظر إليهم حتّى انفتح لهم باب [ من السماء ] ودخلوها ، ثمّ باب السماء الثانية ، إلى سبع سماوات يقدمهم سيّدنا ومولانا محمّد (ص) .
___________________
(١) في ر : خيار .