الأنبياء ، وما معك من دلائلهم شيء .
فقال النبيّ (ص) : «يا أعرابي ، وما يدريك ؟» قال : فخبّرني ببراهينك .
قال : «إن أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك ، وكيف كنت في نادي قومك ، وإن أردت أخبرك عضو من أعضائي ، فيكون ذلك أوكد لبرهاني» قال : أو يتكلم العضو ؟! قال : «نعم ، يا حسن قم» .
فازدرى الأعرابي نفسه وقال : هو لا يأتي ويأمر صبيّاً يكلّمني ؟! قال : «إنك ستجده عالماً بما تريد» فابتدر الحسن فقال : «مهلاً يا أعرابي :
ما غبياً سألت وابن غبي |
|
بل فقيهاً اذن وأنت الجهول |
فإن تك قد جهلت فإنّ عندي |
|
شفاء الجهل ما سأل السؤول |
وبحراً لا تقسّمه الدوالي |
|
تراثاً كان أورثه الرسول |
لقد بسطت لسانك ، وعدوت طورك ، وخادعتك نفسك ، غير أنّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله تعالى» فتبسّم الأعرابي وقال : هيهات (١) .
فقال له الحسن عليه السلام : «قد اجتمعتم في نادي قومك ، وقد تذاكرتم ما جرى بينكم على جهلٍ ، وخرقٍ منكم ، فزعمتم أنّ محمّداً صنبور (٢) ، والعرب قاطبة تبغضه ، ولا طالب له بثأره ، وزعمت أنّك قاتله وكاف قومك مؤونته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قضاتك بيدك تؤمه وتريد قتله ، تعسر عليك مسلكك ، وعمى عليك بصرك ، وأبيت إلّا ذلك ، فأتيتنا خوفاً من أن يستهزئوا بك ، وإنّما جئت
___________________
(١) في م : مه .
(٢) الصنبور : أي أبتر لا عقب له ولا أخ فإذا مات انقطع ذكره . «لسان العرب ـ صنبر ـ ٤ : ٤٦٩» .