عليه السلام ، فقال : «يا سليمان ، لترى غداً العجب» .
فلمّا أصبحنا أخذ أبو جعفر عليه السلام بأيدينا ودخلنا معه على والي المدينة ، وقد دخل المسروق منه برجال براء فقال : هؤلاء سرقوا . فأراد الوالي أن يعاقب القوم ، فقال أبو جعفر عليه السلام ابتداءً منه : «إنّ هؤلاء ليسوا سرّاقه ، إنّ السارقين عندي»
فقال للرجل : «ما ذهب منك ؟» قال : عيبة فيها كذا وكذا . فادعى ما لم يذهب له . قال أبو جعفر عليه السلام : «لِمَ تكذب ؟ فما أنت أعلم بما ذهب لك منّي» فهمّ الوالي أن يبطش به ، فكفّه أبو جعفر عليه السلام .
ثمّ قال : «يا غلام إئتني بعيبة كذا وكذا» فأتى بها ، ثمّ قال للوالي : «إن ادَّعى فوق هذا فهو كاذب مبطل ، وعندي عيبة أخرى لرجل آخر ، وهو يأتيك إلى أيّام ، وهو من أهل بربر ، فإذا أتاك فارشده (١) إليّ ، وأمّا هذان السارقان فإنّي لست ببارح حتّى تقطعهما» . فأتي بهما ، فقال أحدهما : تقطعنا ولم نقرّ على أنفسنا ؟ فقال الوالي : ويلكما ، يشهد عليكما مَن لو شهد على أهل المدينة لأجزت شهادته .
فلمّا قطعهما قال أحدهما : يا أبا جعفر ، لقد شهدت بحق ، وما يسرني أنّ الله أجرى توبتي على يد غيرك ، وإنّ لي بناء خارج المدينة ، وإنّي لأعلم أنّكم أهل بيت النبوة ومعدن العلم . فرّق له أبو جعفر عليه السلام وقال : «أنت على خير وإلى خير» .
ثمّ التفت إلى الوالي وإلى جماعة من الناس فقال : «والله ، لقد سبق يده بدنه إلى الجنّة بعشرين سنة» .
فقال سليمان بن خالد لأبي حمزة الثماليّ : يا أبا حمزة ، ورأيت دلالة أعجب من هذه ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : «يا سليمان ،
___________________
(١) في ر : فأرسله .