فلمّا انتهى الكتاب إلى العامل أجاب العامل : ليس كتابي خلافاً عليك يا أمير المؤمنين ، ولا أردّ أمرك ، لكن رأيت أن أراجعك (١) في الكتاب نصيحة لك ، وشفقة عليك ، وإنّ الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعف عنه ، ولا أزهد ، ولا أورع ، وإنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير والسباع تعجباً لصوته ، وإنّ قراءته تشبه مزامير آل داود ، وإنّه من أعلم الناس وأرقهم وأشدَّهم اجتهاداً وعبادة ، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له ( إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) (٢) . فلمّا ورد الكتاب سرّ بما أنهى إليه الوالي ، وعلم أنّه قد نصحه» .
وفي الحديث طول أخذنا موضع الحاجة .
٣٢٠ / ٢ ـ عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : خرجت مع أبي جعفر عليه السلام إلى الحجّ وأنا زميله إذ أقبل ورشان (٣) فوقع على غرارة (٤) محمله ، فترنّم ، فذهبت لآخذه فصاح بي : «مه يا جابر ، فإنّه استجار بنا أهل البيت» فقلت : وما الذي شكا إليك ؟ قال : «شكا إليّ أنّه يفرخ في هذا الجبل منذ ثلاث سنين ، وأنّ حيّة تأتيه تأكل أفراخه ، فسألني أن أدعو الله عليها ليقتلها ، ففعلت ، وقد قتلها الله» .
ثمّ سرنا حتّى إذا كان وقت السحر قال لي : «انزل يا جابر» فنزلت ، فأخذت بخطام الجمل ، فنزل فتنحّى يمنة ويسرة وهو يقول :
___________________
(١) في ر ، ك : اجعل .
(٢) سورة الرعد ١٣ الآية : ١١ .
٢ ـ دلائل الإِمامة : ٩٨ ، نحوه ، الخرائج والجرائح ٢ : ٦٠٤ / ١٢ ، كشف الغمة ٢ : ١٩٩ ، مدينة المعاجز : ٣٤٩ / ٩٤ .
(٣) الورشان : طائر أكبر من الحمامة المعروفة «المعجم الوسيط ـ ورش ـ ٢ : ١٠٢٥» .
(٤) وعاء ينسج من مشاقة الجوت يوضع على ظهر الدابة لوضع الأمتعة فيه ، ويعرف بالجوالق والخرج أيضاً . انظر المعجم الوسيط ٢ : ٦٤٨ (غرر) .