متحيّراً ممّا قال ، فمررت ببعض سكك الكوفة فإذا جارية مليحة ، فتعلقت بي وقالت : يا صاحب الحق ، هل لك في الإِلمام بنا فتفيدنا ببعض ما خصصت به دوننا ؟ فقلت : ما أكره ذلك . فقالت لي : ادخل فدخلت . فإذا أنا بزوجها قد أقبل إليها ، فقالت لي : ادخل الصندوق ، فإنّي لا آمنه عليك إن رأى اجتماعنا . فدخلت الصندوق ، فأقفلت عليَّ ، ثمّ قالت : قد وقعت موقع سوء ، فإن افتديت نفسك بألف درهم وإلّا غمزت (١) بك إلى السلطان . فأعطيتها ألف درهم وخلّت عنّي ، فرجعت إلى أبي عبد الله عليه السلام ، فلمّا بصر بي قال : «نجوت الآن فاحمد الله تعالى» .
٣٣٦ / ٣ ـ عن يزيد بن خلف ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام و [ قد ] ذكر عنده زيد ، وهو يومئذ يتردد في المدينة ، يقول : «كأنّي به قد خرج إلى العراق ويمكث يومين ويقتل في اليوم الثالث ، ثمّ يدار برأسه في البلدان ، ويؤتى به ، وينصب ها هنا على قصبة» وأشار بيده .
قال : فسمعت أذني من أبي عبد الله عليه السلام ، ورأت عيني أن أتي برأسه حتّى أقيم على قصبة في الموضع الذي أشار إليه عليه السلام .
٣٣٧ / ٤ ـ وروي أنَّ محمد بن عبد الله بن الحسن خاصم أبا عبد الله عليه السلام فقال : أنا والله أسخى يداً منك ، وأعلم وأشجع . فقال عليه السلام : «أمّا قولك : أنا أسخى يداً منك ، فوالله ما أمسيت قط ولله عليَّ حق في مالي ، ولا أصبحت ولله في مالي حق ، وأمّا قولك : أنا أعلم منك ، فإنّ أبي وأباك أمير المؤمنين عليه السلام أعتق
___________________
(١) غمزت : أي أشرت ووشيت ، انظر «لسان العرب ـ غمز ـ ٥ : ٣٨٨» .
٣ ـ وعنه في مدينة المعاجز : ٤١٥ / ٢٣٣ .
٤ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٢٢٨ ، اعلام الورىٰ : ٢٧٣ ، مع اختلاف فيه .