فقلت : إنّها أرض سبخة لا ماء فيها ! فقال : «اطع إمامك» فملت ، وسرنا ما شاء الله ، فإذا نحن بعين فوّارة ، وماء بارد عذب ، وأشجار خضر ، فنزلنا وتطهّرنا وصلّينا وشربنا وأروينا رواحلنا وملأنا سقاءنا ، وقمنا ومضينا .
فلمّا سرنا غير بعيد قال لي : «يا داود ، هل تعرف الموضع الذي كنّا فيه ؟» قلت : نعم ، يا ابن رسول الله .
قال : «فاذهب وجئني بسيفي فقد علّقته على الشجرة فوق العين ونسيته» فمضيت إليه فوجدت السيف معلقاً على الشجرة ، وما رأيت أثراً من العين ، ولا من الأشجار الخضر ، وإنّما هي أرض سبخة لا عهد للماء فيها .
٣٥٥ / ٥ ـ عن داود بن ظبيان ، قال : كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا والمفضّل بن أبي المفضل ويونس بن ظبيان ، فقال أحدهما لأبي عبد الله عليه السلام : أرني آية من الأرض . وقال الآخر : أرني آية من السماء . فقال : «يا أرض ، انفرجي» فانفرجت مدّ البصر ، فنظرت إلى خلق كثير في أسفل الأرض .
ثم قال : «يا سماء ، انشقي» فانشقت .
قال : فلو شئت أن أجتذب السماء بيدي هاتين لفعلت ، فقال : «استشفّ (١) وانظر» ثمّ تلا هذه الآية : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) (٢) .
٣٥٦ / ٦ ـ عن الحسن بن عطية ، قال : كان أبو عبد الله عليه
___________________
٥ ـ عنه في مدينة المعاجز : ٤١٦ / ٢٣٥ .
(١) استشف : تبين ما وراء الشيء ، انظر «لسان العرب ـ شفف ـ ٩ : ١٨٠» .
(٢) سورة آل عمران الآية : ١٤٤ .
٦ ـ الاختصاص : ٣٢٥ .