شيء من الأرض . قال : خذ بيدي ، فذهب النبيّ (ص) ليستقل (١) به ، فما استطاع ، فعلم جابر أنّ ذلك الضعف إنّما هو من الجوع ، وكان لا يرجع أحد حتّى يستأذن النبي (ص) .
قال : فأتيته فقلت : يا رسول الله ، إنّي أحبّ أن تأذن لي . قال : «انصرف» فانصرفت ، وطحنت صاعاً ، وذبحت جذعة (٢) ، فأتى النبيّ (ص) حين ظن أنّهم قد فرغوا ، فقال : إنّي أحبّ أن تجيئني أنت ورجل أو رجلان ممّن أحببت .
فقال : أيّها الناس أجيبوا جابر بن عبد الله . وقد عدّوا بالأمس ألف رجل ، قال : فدنا من النبيّ (ص) ، وقال : إنّه ليس عندي إلّا جذعة وصاع طحنته . فقال : أيّها الناس ، أجيبوا جابراً .
قال : فانطلق حتّى دخل على زوجته ، وقال : قد افتضحنا ، قالت : ولم ؟ فأخبرها ، قالت : فأنهيت ما كان عندك إلى النبيّ (ص) ؟ قال : نعم ، قالت : أسكت ، فإنّ رسول الله (ص) لم يكن ليفضحك .
فدخل النبيّ (ص) ، ودعا بعشر صحاف ، وحلّقهم عشرة عشرة ، ثمّ قال لها : سمّي واغرفي وأبقي ، وسمّي واثردي وأبقي .
قال : وسمّى النبيّ (ص) فدعا مائة فما رئي منهم إلّا أثر أصابعهم ، فقاموا ، ثمّ دعا مائة أخرى ، فجلسوا (٣) ، وسمّى النبيّ (ص) فما رُئي منهم إلّا أثر أصابعهم (٤) ، فما زال يجيء مائة ، مائة ، حتّى فرغ القوم ، وكلّ ذلك يسمّي ، قال : فبقي الطعام كما هو حتّى استطعموه العيال ، والجيران ، والصبيان» .
___________________
(١) أقلّ الشيء واستقله : حمله ورفعه . «لسان العرب ـ قلل ـ ١١ : ٥٦٥» .
(٢) الجذع من الدواب والأنعام : صغيرها ، والأنثى : جذعة . «لسان العرب ـ جذع ـ ٨ : ٤٤» .
(٣) «فجلسوا» ليس في ر ، م ، ك ، وفي ع : فتحلقوا .
(٤) في م ، ش زيادة : ثمّ دعا مائة أخرى .