على بعض في وسط برية واسعة هناك ، ففعلوا .
فلمّا صار مثل جبل عظيم صعد فوقه واستدعىٰ أبا الحسن عليه السلام واستصعده وقال : استحضرك للنظارة ، وقد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف (١) ويحملوا الأسلحة ، وقد عرضوا بأحسن زينة ، وأتمّ عدة ، وأعظم هيبة ، وكان غرضه أن يكسر كلّ من يخرج عليه ، وكان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحداً من أهل بيته أن يخرج على الخليفة .
فقال له أبو الحسن عليه السلام : «وهل أعرض عليك عسكري ؟» فقال : نعم .
فدعا الله سبحانه ، فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مدججون ، فغشي على المتوكل ، فلمّا أفاق قال له أبو الحسن عليه السلام : «نحن لا ننافسكم في الدنيا ، نحن مشتغلون بأمر الآخرة ، ولا عليك ممّا تظن» .
___________________
(١) التجافيف : جمع تجفاف بالكسر ، وهو آلة للحرب يلبسها الفَرَس تقيه الجراح «لسان العرب ـ جفف ـ ٩ : ٣٠» .