قال : «أتأذنين لي أن أحلبها» . قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن كان بها لبن فاحلبها .
فدعا رسول الله (ص) بالشاة ، فمسح بيده على ضرعها ، وسمّى الله تعالى ، ودعا لها في شأنها فتفاجَّت (١) عليه ، ودرّت .
فدعا بإناء يُربض الرهط (٢) ، فحلب فيها شخباً حتّى علاه الثمال ، ثمّ سقاها حتّى رويت ، وسقى أصحابه حتّى رووا ، ثمّ شرب آخرهم شرباً ، وقال (ص) «ساقي القوم آخرهم شرباً» ، فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل ، حتّى أراضوا ثمّ حلب ثانياً عوداً على بدء ، حتّى امتلأ الإِناء ، فغادره عندها وارتحلوا عنها .
وفي الحديث طول مع اختلاف الروايات .
٦٩ / ٣ ـ عن قيس بن النعمان السكونيّ ، قال : لما انطلق النبيّ (ص) ، وأبو بكر مستخفيين في الغار ، مَرّا بعبد يرعى غنماً قال : واستسقياه من اللبن ، فقال : والله ما لي شاة تحلب ، غير أن هنا عناقاً (٣) حملت أوّل السنة ، وما بقي لها لبن .
فقال النبيّ (ص) : «ائتنا بها» ، فأتى بها ، فدعا لها بالبركة ، ثمّ حلب عساً (٤) وسقى أبا بكر ، ثمّ حلب أخرىٰ وسقا الراعي وشرب ، فقال العبد : بالله من أنت ؟! فو الله ما رأيت مثلك قط !
___________________
(١) تفاجّت الناقة : أي فرجت رجليها للحلب . «لسان العرب ـ فجج ـ ٢ : ٣٣٩» .
(٢) يربض الرهط : أي يرويهم حتى يثقلهم فيناموا لكثرة اللبن الذي شربوه . «لسان العرب ـ ربض ـ ٧ : ١٥١» .
٣ ـ البداية والنهاية ٣ : ١٩٢ .
(٣) العناق : الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول . «مجمع البحرين ـ عنق ـ ٥ : ٢١٩» .
(٤) العُس : القدح الكبير الضخم . «لسان العرب ـ عسس ـ ٦ : ١٤٠» .