الإمامة ، فالظالم سيكون في جهة مغايرة لجهة الأنبياء والرسل والأئمّة عليهمالسلام ومعه لا يمكن اجتماع الجهتين في مصداق واحد جزماً ، ومنه نستشفّ أنّ الأنبياء عليهمالسلام معصومون مطهّرون من كلّ عيب مهما كان حجمه.
وأمّا مذهب العامّة في التعامل مع هذه الآية المباركة في إثبات عصمة الأنبياء عليهمالسلام فما يراه الزمخشري ( ت / ٥٣٨ ه ) من أنّ هذا المنصب مختصّ بمن خوطب به أيّ الأصفياء ممن اختارهم لرسالته وهم الأنبياء والرسل عليهمالسلام والظالم بعيد عن هذا الاستخلاف قال : ( من كان ظالماً من ذريّتك لا يناله استخلافي وعهدي له بالإمامة وإنّما ننال من كان عادلاً بريئاً من الظلم ) (١).
ويمكن أن نضيف أنّ الاستخلاف والعهد ملازم للهداية التي هي سنّة إلهيّة أُعطيت للأنبياء عليهمالسلام لما امتازوا به عن غيرهم ، فبالاستخلاف والهداية يكون هناك نوع من الاقتران بين وظيفة النبوة ووظيفة الإمامة وهما داخلان في إطار نظام التكوين الذي سنّهُ الله تعالى لهداية خلقه.
وأوّل دليل على ذلك ما ذكره الفخر الرازي ، حيث قال : « الآية تدلّ على عصمة الأنبياء عليهمالسلام من وجهين : ( الأوّل ) أنّه قد ثبت أن المراد من هذا العهد ( الإمامة ) ولا شك أنّ كلّ نبيّ إمام فالإمام هو الذي يؤتم به والنبيّ أولى بالناس ، وإذا دلّت الآية على أنّ الإمام لا يكون فاسقاً وفاعلاً للذنب والمعصية فالنبيّ أولى ، ( الثاني ) : قال : ( لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٢) فهذا العهد أن كان هو النبوة ، وجب أن تكون لا ينالها أحد من الظالمين ، وأن كان هو الإمامة فكذلك لأنّ كلّ نبيّ لابدّ وأن يكون إماماً يؤتم به ، وكلّ فاسق ظالم
___________
(١) الكشاف / الزمخشري ١ : ٢١١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٢٤.