دلالة المعجز القاطعة ، فإن المراد من الإعجاز القرآني إثبات استناد القرآن الكريم إلى الله سبحانه وأنه ليس من صنع البشر ، ولو جاز الخطأ على النبي لجاز أن يتبع هواه ويرتكب المعاصي وحينئذٍ لم يؤمن منه أن يبلغ كل ما جاء به القرآن أو لا ينقص منه.
وإلى هذا المعنى يشير السيد المرتضى رحمهالله في بعض كتبه حيث قال مستدلاًّ على عصمة النبي عن الكبائر والصغائر ، بأنّ العلم المعجز إذا كان واقعاً موقع التصديق لمدّعي النبوّة والرسالة ، وجارياً مجرى قوله تعالى : صدقت في أنّ رسولي ومؤدّي عني ، فلابدّ أن يكون هذا المعجز مانعاً من كذبه عن الله فيما يؤدّيه عنه ، لأنّه تعالى لا يجوز أن يصدق الكذّاب ، لأنّ تصديق الكذّاب قبيح (١).
ومن هنا استدلّ قطب الدين النيسابوري على العصمة عقلاً فقال : ( والذي يدلّ على عصمة الرسل أنّ العلم المعجز يؤمننا عن وقوع الكذب منه فيما يؤدّي عن الله تعالى إلينا ، وهذا لا خلاف فيه بين الأُمّة ، لأنّ تجويز الكذب يرفع الثقة ويعدم الأمان ) (٢).
لأنّ عدم ذلك يُعدُّ قدحاً في الرسالة وطعناً في النبوّة هذا فيما يتعلّق بالكذب ، أمّا في ما يتعلّق بباقي القبائحَ ولو كانت صغيرة فإنّها توجب النفرة منهم وعدم تلقي أقوالهم وقبولها ، ( ولا يجوز أن يبعث الله تعالى من يوجب علينا اتّباعه وتصديقه وهو على صفة تنفر عنه ، فقد جنّب الله الفظاظة والغلظة
___________
(١) تنزيه الأنبياء / السيد المرتضى : ١٧.
(٢) التعليق في علم الكلام / قطب الدين النيسابوري : ١٧٢.