والخلق المشينة وكثيراً من العلل القبيحة لأجل التنفير فأولى أن يجنّب القبائح كذلك ) (١).
ونحوه قول قطب الدين النيسابوري أيضاً ، قال : ( وأمّا القبائح الأُخَر فإنّ دليل التنفير يؤمن عن جميعها ، لأنّ من يجوز وقوع القبائح منه ، فلا يرغب في القبول عنه ولا تميل نفوسنا إلى الاقتداء به ، ولما كان الغرض في إرسال الرسل الاقتداء بهم والقبول عنهم والتأسّي بفعلهم وقولهم ، وجب أن يكون الرسول منزّهاً عن كلّ ما ينفر عنه ويتعذّر منه ) (٢).
وعليه فكأنّ المعجز قد وقع وأيّد مدّعي النبوّة والرسالة على أتمّ وجه وأكمل صورة ، إذ يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالى أو يوسّط بينه وبين خلقه من هو كاذب غير أمين.
وقد صرّح الشيخ الطوسي بوجوب عصمة الأنبياء عليهمالسلام من القبائح جميعها صغيرها وكبيرها قبل النبوّة وبعدها عمداً وسهواً (٣) ، حيث إنّه استدلّ بجمالية العقل وكماله في أنّ القبيح إذا كان كذباً فأنّه سيؤدّي إلى أنّ الله تعالى سيصدق الكذابين ، وتصديق الكذابين قبيح ولا يجوز على الله تعالى ، وأما جميع القبائح الأخرى غير الكذب ، فإننا لو جوّزناها عليهم فهذا يعني جواز أن يبعث الله نبياً يأمرنا باتباعه ، بينما هو على صفة تنفر الناس عنه ، ولهذا جنب الله تعالى الأنبياء عليهمالسلام الفظاظة والخلق المشينة والأمراض المنفرة لما
___________
(١) كشف المراد / العلّامة الحلّي : ٣٧٥ ، وبحارالأنوار / المجلسي ١٧ : ١٠٩.
(٢) التعليق في علم الكلام : ١٧٢.
(٣) الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد / الشيخ الطوسي : ٢٦٠.