بلا فارس ونحن لا نستطيع أن نخرج رؤوسنا ، ونحو ذلك مما لا حاجة بنا إلى تتبعه.
هذا ـ وأما ما ورد عن ابن عباس من أنه تلا ـ عقب الرواية المكذوبة عليه ـ قوله تعالى : ( وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) (١).
فليست هي على ما فهمه من استدلّ بها ، ولا من كذب على ابن عباس بتلاوتها ، فحبر الأُمّة أجلّ من أن يفهم منها ـ كما فهم أولئك ـ أن النبي صلىاللهعليهوآله قال ذلك على جهة الاستبطاء لنصر الله ، لأن من تتلمذ على يد القرآن الناطق أمير المؤمنين الإمام علي عليهالسلام لا سيما في التفسير لا يشك أبداً بأن النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله يعلم يقيناً إن الله تعالى لا يؤخر نصره عن الوقت الذي توجبه الحكمة الإلهية ، وإن الاستبطاء لنصر الله عزّوجلّ خطأً لا يجوز مثله على الأنبياء عليهمالسلام فكيف بأشرفهم وأفضلهم صلىاللهعليهوآله ؟
وقد ورد في معنى الآية أقوال كثيرة وكلّها لا توجب نفي العصمة.
قال العلّامة الطبرسي قدسسره في معنى ( مَتَىٰ نَصْرُ اللهِ ) : « قيل هذا استعجال للموعود كما يفعله الممتحن ، وإنما قاله الرسول استبطاء للنصر على جهة التمنّي ، وقيل : إن معناه الدعاء لله بالنصر ولا يجوز أن يكون على جهة الاستبطاء لنصر الله ، لأن الرسول يعلم ان الله لا يؤخره عن الوقت الذي توجبه الحكمة.
وقيل : إن هذا كلامهم ـ يعني المؤمنين ـ بأنّهم قالوا عند الأياس : ( مَتَىٰ نَصْرُ اللهِ ) : ثم تفكروا فعلموا أن الله منجز وعده فقالوا ( أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ
___________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢١٤.