وعاتبهم عليها ، وهم بدورهم أخبروا بذلك عن نفوسهم وتنصلوا منها واستغفروا منها وتابوا (١).
إنَّ كلمة ( عصى ) تعني خلاف الطاعة وأن كلمة ( لا تقربا ) تعني النهي ، والنهي الشرعي نوعان : مولوي يجب طاعته فيما يأمر به ، ويترتب عليه الثواب على الطاعة ، والعقاب على المخالفة وهذا شأن أكثر الأوامر والنواهي الواردة في الكتاب والسنّة.
أو إرشادي وهو أن ينطلق المولى فيه بتوجيه النصح والإرشاد والعظة والهداية فيترك اختيار أحد الجانبين من الفعل والترك للمخاطب (٢).
والآيات الواردة في سورة ( طه ) تكشف النقاب عن نوعية هذا النهي ، وتصرّح بأن النهي كان إرشادياً لصيانة آدم عما يترتب عليه من الآثار المكروهة والعواقب غير المحمودة ، ومن أجل تنزيه مقام النبي آدم عليهالسلام ذهب علماء ومتكلمو الإمامية إلى توجيه ذلك بما يناسب مقام وعصمة آدم عليهالسلام.
يرى السيد المرتضىٰ علم الهدىٰ قدسسره أن آدم عليهالسلام كان تاركاً لنفل ومعه لا يكون عاصياً أو فعل قبيحاً.
إذ قال : ( أما المعصية فهي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً ، فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم عليهالسلام مندوباً إلى ترك التناول من الشجرة ، ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ، وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصياً كما يسمى بذلك تارك الواجب ) (٣).
___________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٧٦.
(٢) الفروق المهمة في الأصول الفقهية / خليل قدسي مهر : ٥٣.
(٣) تنزيه الأنبياء : ٢٤.