فيقول ( وهذه ذنوب الأنبياء عليهمالسلام فشكر الله تذللّه وتواضعه ) (١).
وكل ما زعموه لا ريب في بطلانه ، إذ الظاهر أن في قوله ( فَلَا تَسْأَلْنِي ) (٢) نهي عما لم يقع بعد قول نوح بعد استماع خطابه سبحانه ( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ) (٣) ولو كان سأل شيئاً من قبل لكان عليه أن يقول : أعوذ بك مما سألت ، وأما طلب الغفران في قوله : ( وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) (٤) ، محصله أن هذا كلام صورته التوبة وحقيقته الشكر على ما أنعم الله عليه من التعلم والتأدب.
فلا يكون هذا خطأ منه عليهالسلام أو يكون ما فيه موجب لعتابه ولومه.
على أن أولئك المخطئة قد سبقهم أسلافهم ومن هو على شاكلتهم في تخطئة الأنبياء وعدم عصمتهم عصمة مطلقة كما يظهر من ردود علم الهدى السيد الشريف المرتضى قدسسره ( ت / ٤٣٦ ه ) وغيره من علماء الإمامية الذين أجمعوا على عصمة جميع أنبياء الله تعالى ورسله عليهمالسلام وهو الحق والصواب.
فعندما نتأمّل قصّة نوح عليهالسلام مع ولده الذي هلك مع من هلك نرى مناشدة النبيّ عليهالسلام ربّه بانقاذ ولده من الغرق لاعتبار الأبوّة وأنه أحد أفراد أُسرته ، فيُجاب النبي نوحٌ عليهالسلام بذلك الجواب الإلهي القاطع لتلك الرابطة لتحلّ محلّها رابطة العقيدة والإيمان ، وفي هذا الحدث يرى بعض مفسري العامّة أن النبيّ نوح عليهالسلام قد عصى ربّه فعوتب على سؤاله هذا وقوله مخاطباً ربه : ( رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) (٥).
___________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٥ : ٣٤.
(٢) سورة هود : ١١ / ٤٦.
(٣) سورة هود : ١١ / ٤٧.
(٤) سورة هود : ١١ / ٤٧.
(٥) سورة هود : ١١ / ٤٥.