إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ولا زال هذا الكذّاب الدجّال يعدّ في قمّة الصحابة العدول !! ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
ونقل الثعالبي في تفسيره عن القاضي عياض قوله : « واعلم أكرمك الله إنّ هذه الكلمات كلّها خارجة عن الكذب لا في القصد ولا في غيره ، وهي داخلة في باب المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب ، فأمّا قوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا ) فإنّه علّق خبره بشرط النطق ، كأنّه قال : إن كان ينطق فهو فعله على طريق التبكيت لقومه. انتهى ، ثمّ ذكر بقية التوجيه وهو واضح لا نطيل بسرده » (١).
وهكذا شهد شاهد من أهلها على كذب الخبرين اللَّذَينِ تمسّك بهما المخطئة ، الذين لو تأمّلوا فيما قالوه بشأن إبراهيم عليهالسلام لوجدوه مخالفاً لاستعمالات لغة العرب في المحاججة التي سار القرآن الكريم عليها أيضاً ، من ذلك تنبيه الوثنيين عى ما هم عليه من ضلال مبين كما في قوله تعالى بشأن أصنامهم وأوثانهم : ( فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٢).
وعلى هذا السياق القرآني جاء قول إبراهيم عليهالسلام حين سأله قومه عن أصنامهم المكسّرة : ( أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ) (٣) فأجابهم عليهالسلام بكلام علموا أنّه أراد به تبكيتهم وتوبيخهم على اتباعهم حجراً لا ينطق : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ) (٤).
وسرعان ما حصل على اعترافهم بالذي عناه إبراهيم عليهالسلام ، فقالوا له
___________
(١) تفسير الثعالبي ٤ : ٩٠ ـ ٩١.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٩٤.
(٣) سورة الأنبياء : ٢١ / ٦٣.
(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٦٣.