يحكم به العقل فيما إذا تحقّق شرطها ، وهو وجوب ذي المقدّمة ، وحينئذ يؤلّف العقل قضيّة شرطيّة مفادها ( إنّه إذا وجب شيء فقد وجبت مقدّماته ).
ومثاله أيضا : حكم العقل بحرمة القبيح ، فإنّ هذا الحكم موقوف مسبقا على أن يكون ما حكم العقل بقبحه قد حكم الشارع بحرمته ، فإذا حكم العقل بقبح الكذب مثلا فالشارع يحكم بحرمته ، فيكون حكم العقل بحرمة الكذب موقوفا على ثبوت الملازمة القائلة بأنّه ( إذا قبح فعل فقد حرم ) ؛ إذ لو لم يكن القبيح عقلا حراما شرعا لم يمكن الحكم بحرمة ما يدركه العقل من قبيح.
والقضايا الفعليّة : إمّا أن تكون تحليليّة أو تركيبيّة.
والمراد بالتحليليّة : ما يكون البحث فيها عن تفسير ظاهرة من الظواهر وتحليلها ؛ كالبحث عن حقيقة الوجوب التخييري ، أو عن حقيقة علاقة الحكم بموضوعه.
والمراد بالتركيبيّة : ما يكون البحث فيها عن استحالة شيء بعد الفراغ عن تصوّره وتحديد معناه ، من قبيل البحث عن استحالة الحكم الذي يؤخذ العلم به في موضوعه مثلا.
الأمر الرابع : في تقسيم القضايا الفعليّة.
بعد أن قسّم القضايا العقليّة إلى فعليّة وشرطيّة ، شرع في تقسيم كلّ واحدة منهما إلى أنواعها ، فقسّم القضيّة الفعليّة إلى نوعين :
الأوّل : القضايا الفعليّة التحليليّة
، والمراد بها أن يقوم العقل بتفسير وتحليل ظاهرة من الظواهر أو حقيقة من الحقائق الموجودة ، بعد الفراغ عن ثبوت ذاك الشيء وعدم توقّفه على شيء آخر ، فإنّه مدرك لدى العقل بوضوح ، ولكن يبحث عنه تحليليّا من أجل أن يستكشف بعض الأمور أو الجزئيّات أو الملاك أيضا.
فمثلا البحث عن حقيقة الوجوب التخييري يعتبر بحثا تحليليّا ؛ لأنّه بحث عن كيفيّة تعلّق الوجوب بالتخيير وكيف يمكن تصوير ذلك ، بعد الفراغ عن إمكانه وثبوته واقعا؟
فإنّ مثل هذا البحث التحليلي ينفع بالنسبة لإجراء الإطلاق وقرينة الحكمة في صيغة الأمر لإثبات الوجوب التعييني مقابل الوجوب التخييري ، فيما إذا ثبت أنّ الأوّل لا يحتاج إلى مئونة زائدة بخلاف الثاني ، فإنّه يحتاج إلى مئونة زائدة ؛ لأنّه