جزء العلّة للفعل ، والتحصيص كما يمكن أن يكون بإضافته إلى أمر مقارن أو متقدّم كذلك يمكن أن يكون بأمر متأخّر.
وأمّا فيما يتعلّق بالشرط المتأخّر للحكم فبأنّ الحكم تارة يراد به الجعل وأخرى يراد به المجعول ، أمّا الجعل فهو منوط بقيود الحكم بوجودها التقديري اللحاظي لا بوجودها الخارجي كما تقدّم (١) ، ووجودها اللحاظي مقارن للجعل.
وأمّا المجعول فهو وإن كان منوطا بالوجود الخارجي لقيود الحكم ، ولكنّه مجرّد افتراض وليس وجودا حقيقيّا خارجيّا ، فلا محذور في إناطته بأمر متأخّر.
وقد أجيب عن إشكال الاستحالة في الموردين :
أمّا بالنسبة للإشكال على الشرط المتأخّر الراجع إلى الواجب ، كغسل المستحاضة الذي هو شرط متأخّر لصحّة صوم اليوم السابق ، فجوابه أنّ قيود الواجب ترجع إلى التحصيص.
فالفعل الواجب حينما يقيّد بشيء فهذا معناه تحصيص الفعل إلى حصّتين : الحصّة الواجدة للقيد والحصّة الفاقدة له ، والأمر بالحصّة الخاصّة دون سواها.
ومن الواضح أنّ تحصيص الفعل لا يختلف الحال فيه بين أن يكون بقيد متقدّم أو بقيد مقارن أو بقيد متأخّر ؛ لأنّ العلاقة بين القيد والفعل أو بين الشرط والمشروط هنا ليست هي علاقة العلّة والمعلول أو المؤثّر مع الأثر ، ولذلك لا يرد الإشكال المتقدّم من لزوم تأثير المعدوم في الموجود ، كما إذا فرض أنّ المولى يريد الصلاة مع التصدّق ، فإنّه يمكنه أن يقول : تصدّق ثمّ صلّ أو تصدّق حال الصلاة أو تصدّق بعد الصلاة.
والوجه في ذلك : أنّه يريد الحصّة الخاصّة من الصلاة وهي المقيّدة بالتصدّق ، ممّا يعني تحصيص الصلاة إلى حصّتين الحصّة الواجدة للتصدّق والحصّة الفاقدة له ، والأمر بالحصّة الخاصّة وليس للتصدّق تأثير في تحقّق الصلاة وفي إيجادها أصلا.
وأمّا بالنسبة للإشكال على الشرط المتأخّر الراجع إلى الحكم ، كالإجازة للعقد الفضولي التي هي شرط في صحّة ونفوذ العقد من حينه ، أي من حين صدور العقد على القول بالكشف.
فجوابه : أنّ الحكم تارة يراد به الجعل أي الحكم الإنشائي في عالم الجعل والتشريع
__________________
(١) تحت عنوان : قاعدة إمكان الوجوب المشروط.