ثبوت شيء فهو حكم عقلي على نحو القضيّة الشرطيّة ، ولمّا كان الشرط هو الحكم الشرعي سمّي بالحكم العقلي غير المستقلّ.
والآخر : القضايا الشرطيّة التي يكون الشرط فيها مقدّمة غير شرعيّة ، وتسمى بـ ( المستقلاّت العقليّة ) ؛ وذلك لأنّ الشرط لمّا لم يكن شرعيّا فهو شرط عقلي ، فلم يكن حكم العقل محتاجا إلى ضمّ الحكم الشرعي إليه. نعم ، هو محتاج إلى ضمّ حكم عقلي آخر ولذلك كانت القضيّة شرطيّة.
ومثاله : حكم العقل بحرمة الكذب أو الظلم ونحوهما ، فإنّ هذا الحكم متوقّف على أن يكون هناك ملازمة بين حكم العقل بقبح شيء وبين حكم الشرع بحرمته ، فكان حكم العقل بحرمة الكذب مثلا متوقّفا على ثبوت الملازمة المذكورة في رتبة سابقة ، ولذلك فهو من القضايا الشرطيّة ، ولكن الملازمة المذكورة ليست حكما شرعيّا ، وإنّما هي حكم عقلي أيضا ، فمن هنا سمّي بالحكم العقلي المستقلّ.
وكذلك تعتبر القضايا العقليّة الفعليّة التركيبيّة كلّها أدلّة عقليّة مستقلّة ؛ لعدم احتياجها إلى ضمّ مقدّمة شرعيّة في الاستنباط منها ؛ لأنّ مفادها استحالة أنواع خاصّة من الأحكام ، فتبرهن على نفيها بلا توقّف على شيء أصلا ، ونفي الحكم كثبوته ممّا يطلب استنباطه من القاعدة الأصوليّة.
وأمّا القضايا الفعليّة التحليليّة فهي تقع في طريق الاستنباط عادة عن طريق صيرورتها وسيلة لإثبات قضيّة عقليّة تركيبيّة والبرهنة عليها ، أو عن طريق مساعدتها على تحديد كيفيّة تطبيق القاعدة الأصوليّة.
ومثال الأوّل : تحليل الحكم المجعول على نحو القضيّة الحقيقيّة ، فإنّه يشكّل برهانا على القضيّة العقليّة التركيبيّة القائلة باستحالة أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه.
ومثال الثاني : تحليل حقيقة الوجوب التخييري بإرجاعه إلى وجوبين مشروطين ، أو وجوب واحد على الجامع مثلا ، فإنّ ذلك قد يتدخّل في تحديد كيفيّة إجراء الأصل العملي عند الشكّ ، ودوران أمر الواجب بين كونه تعيينيّا لا عدل له ، أو تخييريّا ذا عدل.
الأمر السادس : بعد أن قسّم القضايا العقليّة الشرطيّة إلى المستقلاّت العقليّة وغير