في عالم الجعل والتشريع ، وإذا نظر إليها بالحمل الأوّلي سمّيت بالمجعول وهي بهذا النظر أمر اعتباري ؛ لأنّه عبارة عن رؤية الحكم في الخارج على أساس أنّه يجب امتثاله وإطاعته من المكلّف.
وهذا نظير الوجود والإيجاد فإنّهما شيء واحد ، وإنّما الاختلاف بينهما على أساس ملاحظة الفاعل تارة وعدم ملاحظته أخرى.
وعليه ، فالمجعول ليس إلا تطبيق الجعل حينما يتحقّق موضوعه في الخارج ، فبابه باب التطبيق والامتثال وليس باب التأثير والعلّيّة (١).
والتحقيق : أنّ هذا الجواب وحده ليس كافيا ؛ وذلك لأنّ كون شرط قيدا للحكم والوجوب أو للواجب ليس جزافا ، وإنّما هو تابع للضابط المتقدّم ، وحاصله : أنّ ما كان دخيلا وشرطا في اتّصاف الفعل بكونه ذا مصلحة يؤخذ قيدا للوجوب ، وما كان دخيلا وشرطا في ترتّب المصلحة على الفعل يؤخذ قيدا للواجب.
والجواب المذكور إنّما نظر إلى دخل الشرط بحسب عالم الجعل في تحصيص الواجب أو في الوجوب المجعول ، وأغفل ما يكشف عنه ذلك من دخل قيد الواجب في ترتّب المصلحة ووجودها ودخل قيد الوجوب في اتّصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، وترتّب المصلحة أمر تكويني ، واتّصاف الفعل بكونه ذا مصلحة أمر تكويني أيضا ، فكيف يعقل أن يكون الأمر المتأخّر ـ كغسل المستحاضة في ليلة الأحد ـ مؤثّرا في ترتّب المصلحة على الصوم في نهار السبت السابق إذا أخذ قيدا للواجب؟ وكيف يعقل أن يكون الأمر المتأخّر ـ كالغسل المذكور ـ مؤثّرا في اتّصاف الصوم في يوم السبت بكونه ذا مصلحة إذا أخذ قيدا للوجوب؟
__________________
(١) نعم ، بناء على مسلك المحقّق النائيني القائل بالفرق بين الجعل والمجعول ، وأنّ المجعول أمر حقيقي غير الجعل فإنّه يتمّ الإشكال ؛ لأنّ الحكم المجعول في الخارج صار مناطا ومشروطا بقيد متأخّر عنه ، فيلزم منه محذور تأثير المتأخّر في المتقدّم أو محذور تأثير المعدوم في الموجود.
ومن هنا أنكر الميرزا الشرط المتأخّر لاستحالته في عالم المجعول وإن قبله في عالم الجعل ، ومن ثمّ التزم بإرجاع الشرط المتأخّر إلى الشرط المقارن في كلّ الموارد التي ظاهرها كون الشرط متأخّرا.