وثمرة البحث في الشرط المتأخّر إمكانا وامتناعا تظهر من ناحية في إمكان الواجب المعلّق وامتناعه ، فقد تقدّم في الحلقة السابقة (١) أنّ إمكان الواجب المعلّق يرتبط بإمكان الشرط المتأخّر.
هناك ثمرتان يمكن ترتّبهما على هذا البحث :
الثمرة الأولى : ثمرة أصوليّة تظهر في الواجب المعلّق ويتّبعه في المقدّمات المفوّتة ، فإنّنا إذا قلنا بإمكان الشرط المتأخّر فسوف يكون الواجب المعلّق ممكنا أيضا ، وبه تحلّ مشكلة المقدّمات المفوّتة ، وأمّا إذا قلنا باستحالته فسوف يكون الواجب المعلّق مستحيلا أيضا ، وتوضيح ذلك ضمن المثال التالي :
إذا استطاع المكلّف للحجّ فقد صار الوقوف بعرفات واجبا عليها أيضا ، إلا أنّ زمان الوقوف بعرفات يبدأ من حين حلول ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة ، فكان وجوب الوقوف ثابتا في زمان متقدّم ، بينما زمان الواجب متأخّر وهذا ما يسمّى بالواجب المعلّق.
وحينئذ فإن قلنا بإمكان الشرط المتأخّر كان الواجب المعلّق ممكنا أيضا ، والوجه في
__________________
والمهيّئة كتحضير الماء من أجل الشرب عند العطش. والآخر : أن يكون القيد أو الشرط من المقدّمات التي تحقّق وجود العلّة وعدمها يوجب انعدام العلّة ، كشرطيّة عدم التعرّض للبرد بعد تناول الدواء للمريض ، فإنّ المصلحة تترتّب بتناول الدواء والشرط المتأخّر كان لأجل أنّ عدمه يوجب انعدام العلّة أو وجود المانع منها.
الثالث : ما يذكره السيّد الأستاذ من أنّ شروط الوجوب ليست دائما عبارة عن شروط الاتّصاف ، بل قد تكون من شروط الترتّب ولكن غير الاختياريّة وغير المقدورة ، كما تقدّم سابقا ، كما إذا أخذت القدرة على الصوم في كلّ آن آن من آنات النهار شرطا في وجوب الصوم في الآن الأوّل ، فإنّها شرط متأخّر ولكنّها ليست من شروط الاتّصاف ، وإنّما هي من شروط التحقّق والترتّب ولكنّها راجعة إلى الوجوب ؛ لأنّها غير مقدورة وغير اختياريّة ، فإنّ عنوان القدرة ليس اختياريّا للمكلّف ؛ لأنّ الوجوب من الآن مشروط بالقدرة على الصوم في الآن الآتي وهذا غير اختياري له من الآن ولكنّه كان شرطا للوجوب ، وهذا معناه أنّ شروط الوجوب لا يتحتّم إرجاعها إلى المصلحة دائما.
وبهذا يظهر أنّ الشرط المتأخّر ممكن ولا إشكال فيه لا على مستوى الحكم ولا على مستوى الواجب ولا على مستوى المصلحة والملاك.
(١) في بحث الدليل العقلي ، تحت عنوان : زمان الوجوب والواجب.