يمكن أن تكون واجبة بالوجوب الغيري أيضا ؛ لأنّ الوجوب الغيري إمّا معلول للوجوب النفسي فلا يحصل إلا بعده وفي طوله ، وإمّا كلاهما معلولان معا للملاك فيوجدان معا وفي عرض واحد ، ولذلك يستحيل أن يثبت الوجوب الغيري على مقدّمة الوجوب ؛ لأنّ فرض ثبوته يعني ثبوت الوجوب النفسي إمّا قبله وإمّا معه ، ومع ثبوت الوجوب النفسي فهذا يفترض أنّ موضوعه وسائر ما يرتبط به من قيود وشروط ومقدّمات قد تحقّقت ؛ لأنّه موقوف عليها كما قلنا ، فإذا كانت حاصلة فلا معنى لإيجابها غيريّا ؛ لأنّه يكون تحصيلا للحاصل وإيجابا لشيء قد فرغ عن وجوده وحصوله فيكون لغوا.
وأما مقدّمة الواجب فهي تتّصف بالوجوب الغيري بلا إشكال ؛ لأنّ الداعي لإيجاد وتحصيل الواجب هو نفسه يكون داعيا ومحرّكا نحو المقدّمة الموقوف عليها ، ولذلك يحكم العقل بلزوم تحصيل هذه المقدّمة وعلى أساس الملازمة يتعلّق بالمقدّمة الوجوب الغيري.
التقسيم الثالث : تقسيم المقدّمة إلى شرعيّة وعقليّة وعلميّة.
والمقدّمة الشرعيّة ما أخذها الشارع قيدا في الواجب.
والمقدّمة العقليّة ما يتوقّف عليها ذات الواجب تكوينا.
والمقدّمة العلميّة هي ما يتوقّف عليها تحصيل العلم بالإتيان بالواجب ، كالجمع بين أطراف العلم الإجمالي.
ولا شكّ في أنّ الوجوب الغيري لا يتعلّق بالمقدّمة العلميّة ؛ لأنّها ممّا لا يتوقّف عليها نفس الواجب بل إحرازه ، كما لا شكّ في تعلّقه بالمقدّمة العقليّة إذا ثبتت الملازمة ، وإنّما الكلام في تعلّقه بالمقدّمة الشرعيّة.
التقسيم الثالث : تقسيم المقدّمة إلى شرعيّة وعقليّة وعلميّة.
أمّا المقدّمة الشرعيّة فهي المقدّمة التي أخذها الشارع قيدا في الواجب ، كالوضوء بالنسبة للصلاة.
وأمّا المقدّمة العقليّة فهي المقدّمة التكوينيّة التي يتوقّف عليها الإتيان بالواجب ، كالسفر بالنسبة إلى الحجّ.
وأمّا المقدّمة العلميّة فهي المقدّمة التي يتوقّف عليها تحصيل العلم بالإتيان بالواجب ،