ذهب المحقّق النائيني وغيره إلى إنكار تعلّق الوجوب الغيري بالمقدّمة الشرعيّة.
واستدلوا على ذلك بأنّ المقدّمة الشرعيّة هي ما أخذه الشارع قيدا في الواجب ، ومع أخذ الشارع لها قيدا في الواجب يكون الوجوب منصبّا على الواجب وعلى القيد ، فينحلّ الأمر إلى أمرين ضمنيّين نفسيّين أحدهما متعلّق بذات الواجب والآخر متعلّق بالقيد ، ومع كونها متّصفة بالوجوب الضمني النفسي يستحيل أن تتّصف بالوجوب الغيري تماما كما قيل في الجزء ؛ إمّا لعدم المقتضي وإمّا لوجود المانع.
وبعبارة ثانية : أنّ مقدّميّة المقدّمة الشرعيّة إنّما جاءت بسبب أخذ الشارع لهذه المقدّمة قيدا في الواجب ، ومع أخذها كذلك يكون الوجوب النفسي متعلّقا بالواجب مع هذا القيد ، وهذا الوجوب ينحلّ إلى وجوبين ضمنيّين أحدهما متعلّق بذات الواجب والآخر متعلّق بالقيد ، فيكون القيد واجبا نفسيّا ضمنيّا ومعه يستحيل اتّصافه بالوجوب الغيري ؛ لوجود المانع من ذلك.
فإنّ الواجب والقيد وإن كانا متغايرين وكان القيد مقدّمة لوجود الواجب ، إلا أنّ اتّصافه بالوجوب الضمني النفسي يمنع من اتّصافه بالوجوب الغيري ، وإلا للزم اجتماع المثلين وهو مستحيل.
ويجاب عن ذلك : أنّ أخذ المقدّمة الشرعيّة قيدا في الواجب معناه تحصيص الواجب إلى حصّتين ، الحصّة الواجدة للقيد والحصّة الفاقدة له ، ويكون الأمر منصبّا على الحصّة الواجدة للقيد أي على الصلاة المقيّدة بالوضوء. وبالتحليل نلاحظ أنّ الوجوب الضمني النفسي يتعلّق بذات المقيّد ، أي بالصلاة وبالتقيّد بالقيد أي كونها عن وضوء لا بنفس القيد ، بل يكون القيد خارجا عن متعلّق الوجوب ، وإنّما هو مقدّمة لحصول التقيّد المأمور به ضمنيّا.
وبعبارة أخرى : المطلوب من المكلّف هو إيجاد الصلاة المقيّدة ، فالواجب هو ذات المقيّد والتقيّد لا القيد. نعم ، القيد مقدّمة لحصول التقيّد ؛ لأنّ الصلاة عن وضوء لا تحصل إلا بالإتيان بالوضوء.
فإن قيل : إنّ التقيّد منتزع من القيد ، فالأمر به أمر بالقيد.
كان الجواب : أنّ القيد وإن كان دخيلا في حصول التقيّد ؛ لأنّه طرف له ، لكنّ هذا لا يعني كونه عينه ، بل التقيّد بما هو معنى حرفي له حظّ من الوجود والواقعيّة