الخصوصيّة الأولى : أن نفترض تعلّق الأمر بالطبيعة على نحو التخيير العقلي بين حصصها ، وتعلّق النهي بحصّة معيّنة من حصصها ، من قبيل ( صلّ ) و ( لا تصلّ في الحمّام ).
وهذا الافتراض يوجب اختلاف المتعلّقين بالإطلاق والتقييد. ولا شكّ في أنّ ذلك يوجب زوال السبب الثاني للتنافي وهو ضيق قدرة المكلّف عن الجمع بين الامتثالين ؛ وذلك لأنّه إذا كان بإمكان المكلّف أن يصلّي في غير الحمّام فهو قادر على الجمع بين الامتثالين.
وإنّما المهمّ تحقيق حال السبب الأوّل للتنافي وهو التضادّ في عالم المبادئ ، فقد يقال بزواله أيضا ؛ لأنّ الوجوب بمبادئه متعلّق بالجامع ولا يسري إلى الحصّة ، والحرمة بمبادئها قائمة بالحصّة ، فلم يتّحد المعروض لهما.
الخصوصيّة الأولى : فيما إذا كان الأمر متعلّقا بالجامع البدلي والنهي متعلّق بحصّة معيّنة منه.
كما إذا قيل : ( صلّ ) و ( لا تصلّ في الحمّام ) ، فهنا الأمر متعلّق بالطبيعة ، وهي بعد إجراء الإطلاق فيها ومقدّمات الحكمة يثبت كونها مطلقة على نحو البدليّة ، بحيث تشمل أفرادا وحصصا من الصلاة في عمود الزمان الممتد من الزوال إلى الغروب ، ويكون المطلوب فردا واحدا وحصّة واحدة من هذه الحصص ، وهكذا يثبت إطلاقها بلحاظ المكان أيضا ، فأيّة حصّة في أي مكان أو زمان تعتبر مصداقا للمأمور به ، ولذلك يحكم العقل بالتخيير بين أفرادها وحصصها. ولم يكن إطلاقها شموليّا للعلم من الخارج بأنّه لا تجب أكثر من خمس صلوات في اليوم والليلة.
بينما النهي متعلّق بحصة خاصّة منها وهي الصلاة في المكان المعيّن أي الصلاة في الحمام دون سائر الحصص الأخرى.
وهنا يبحث في كفاية التغاير العنواني بين متعلّق الأمر والنهي ؛ لأنّ الأمر متعلّق بالإطلاق والنهي متعلّق بالتقييد ، فهل الاختلاف في الإطلاق والتقييد يكفي لدفع غائلة التضادّ واجتماع الأمر والنهي على شيء واحد أم لا؟
وللإجابة عن هذا التساؤل لا بدّ من ملاحظة الملاكين السابقين والذي كان الامتناع مبنيا على تحقّق أحدهما ، فنقول :