والنهي عن الحصّة.
ويلاحظ على الافتراض المذكور أنّه مبنيّ على ما هو المختار في مسألة التخيير العقلي حيث يوجد فيها قولان ، هما :
القول الأوّل : أنّ التخيير العقلي متعلّق بالجامع ، فهناك وجوب واحد ومتعلّق واحد ، وهذا الوجوب لا يسري من الجامع إلى الأفراد والحصص ؛ لأنّ السريان القهري ممنوع حيث إنّ الجعل والإيجاب فعل اختياري للجاعل ، والسريان الاختياري لازمه القول بالوجوبات المشروطة للحصص والأفراد وهي مستحيلة ؛ لاستلزامها تعدّد العقاب حال ترك الجميع لفعليّة كلّ منهما في هذا الفرض ، أو لعدم تحقّق الامتثال حال التقارن.
القول الثاني : أنّ التخيير العقلي يرجع إلى التخيير الشرعي ، فيكون مرجع تعلّق الأمر بالجامع إلى تعلّقه بكلّ حصّة منه بنحو مشروط ؛ لأنّ وجوب الجامع يسري إلى الفرد. أو يقال ـ كما اختاره السيّد الشهيد ـ أنّ السراية من الجامع إلى الفرد لا تكون بلحاظ الحكم والوجوب وإنّما بلحاظ المبادئ ، فمن أحبّ الجامع أحبّ أفراده بنحو مشروط لا محالة.
فعلى القول الأوّل ، يقال هنا : إنّ الأمر لمّا تعلّق بالجامع والجامع لا يسري إلى الفرد ، فسوف يكون متعلّق الأمر مغايرا لمتعلّق النهي سواء في ذلك عالم الإيجاب والمبادئ. فيندفع محذور اجتماع الأمر والنهي بلحاظ المبادئ.
وأمّا على القول الثاني ، فسوف يكون الفرد واجدا لوجوب مشروط أو على الأقلّ فيه محبوبيّة مشروطة ، وحينئذ يكون متعلّق الأمر ومتعلّق النهي متّحدين بلحاظ المبادئ أو الإيجاب ؛ لأنّ الحصّة المنهي عنها قد سرى الوجوب أو المحبوبيّة إليها أيضا فيلزم المحذور (١).
__________________
(١) وحيث إنّ السيّد الشهيد قبل هناك دعوى وجدانيّة الملازمة بين حبّ الجامع وحبّ أفراده بنحو مشروط ، فلا محالة سوف يختار هنا امتناع اجتماع الأمر والنهي ، والنتيجة على ضوء ذلك هي كون دليل النهي مقيّدا لدليل الأمر بالجامع في غير الحصّة التي تعلّق بها النهي.
بينما لو اخترنا القول الأوّل فاجتماع الأمر والنهي لمّا كان جائزا في هذا المورد ـ أي تعلّق الأمر بالجامع والنهي بالحصّة ـ فالمكلّف إذا جاء بالجامع ضمن الحصّة التي تعلّق بها النهي يكون ممتثلا من جهة وعاصيا من جهة أخرى.