فنتيجة الملاك الأوّل لا تختصّ بالعبادة ، بل تشمل الواجب التوصّلي أيضا ، ولا تختصّ بالعالم بالحرمة ، بل تشمل حالة الجهل أيضا ، ولا تختصّ بالحرمة النفسيّة ، بل تشمل [ الحرمة ] الغيريّة أيضا.
ونتيجة الملاك الثاني تختصّ بالعبادة ؛ إذ لا يعتبر قصد القربة في غيرها ، وبالعالم بالحرمة ؛ لأنّ من يجهل كونها مبغوضة يمكنه التقرّب.
ونتيجة الملاك الثالث تختصّ بالعبادة وبفرض تنجّز الحرمة ، وأيضا تختصّ بالنهي النفسي ؛ لأنّ الغيري ليس موضوعا مستقلا لحكم العقل بقبح المخالفة ، كما تقدّم في مبحث الوجوب الغيري (١).
الفارق بين الملاكات الثلاثة :
أمّا الملاك الأوّل : فهو يتمّ في العبادات والمعاملات ، وفي حالتي العلم بالحرمة والجهل بها ، وفي الحرمة النفسيّة والغيريّة.
أمّا تماميّته في العبادات والمعاملات ، فلأنّ هذا الملاك يبتني على سقوط الأمر وإذا سقط الأمر لم يكن ما أتى به مصداقا للواجب المأمور به ، سواء كان هذا الواجب عبادة أم معاملة.
وأمّا تماميّته في صورتي العلم والجهل ، فلأنّه يبتني على امتناع اجتماع الأمر والنهي ، ومسألة الامتناع أمر واقعي لا يختلف الحال فيه بين العالم والجاهل بالحرمة ؛ لأنّه مع الامتناع يسقط الأمر واقعا فلا أمر بالعبادة ولا المعاملة.
وأمّا تماميّته في الوجوب النفسي والغيري معا ، فلأنّ الواجب الغيري ما يكون مقدّمة ، فإذا تعلّق النهي بالمقدّمة لزم من ذلك تقيّد الأمر بالفرد المباح ؛ لأنّ الحرمة الغيريّة معناها العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها للحرام فيحرم ؛ لأنّه سبب توليدي للحرمة وهذا يوجب مبغوضيّة المقدّمة ، ومعها لا يشملها الأمر وإلا للزم اجتماع المحبوبيّة والمبغوضيّة معا وهو مستحيل.
وأمّا الملاك الثاني : فهو يتمّ في العبادات دون التوصّليّات ، ويتمّ في صورة العلم دون الجهل ، ولكنّه يتمّ في الحرمة النفسيّة والحرمة الغيريّة معا.
أمّا عدم تماميّته في التوصّليّات ، فلأنّه يبتني على عدم إمكان التقرّب بالمبغوض.
__________________
(١) تحت عنوان : خصائص الوجوب الغيري.