ولا شكّ في أنّ البحث الكبروي أصولي ، وأمّا البحث الصغروي فهو كذلك إذا كانت القضيّة العقليّة المبحوث عنها تشكّل عنصرا مشتركا في عمليّة الاستنباط.
وأمّا القضايا العقليّة التي ترتبط باستنباط أحكام معيّنة ولا تشكّل عنصرا مشتركا فليس البحث عنها أصوليّا.
الأمر الثاني : في كون البحث العقلي أصوليّا أم لا؟
تقدّم أنّ القضايا العقليّة : تارة يكون البحث عنها كبرويّا ، وأخرى يكون البحث عنها صغرويّا.
فإن كان البحث كبرويّا فتكون كلّ القضايا العقليّة المبحوث عنها كبرويّا داخلة في علم الأصول ؛ لأنّ البحث الكبروي هو البحث عن حجّيّة المسألة العقليّة التي أدركها العقل ، فيبحث حول منجّزيّتها أو معذّريّتها ، والبحث عن المنجّزيّة والمعذّريّة بحث أصولي ؛ ولأنّ هذه القضايا العقليّة الكبرويّة تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي في مختلف الأبواب ، بمعنى أنّها تشكّل عنصرا مشتركا له القابليّة للتطبيق في مختلف المسائل والأبواب الفقهيّة ، وليس خاصّا في مورد دون آخر.
وأمّا إن كان البحث صغرويّا أي البحث عن كون المسألة داخلة في الإدراك العقلي أو ليست داخلة فيه؟ فهذا يمكن تقسيمه إلى قسمين :
الأوّل : الأبحاث العقليّة الصغرويّة التي تشكّل عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط بحيث يمكن أن تكون جارية في مختلف الأبواب الفقهيّة من دون اختصاصها بمورد دون آخر ، فمثل هذه الأبحاث تدخل في البحث الأصولي أيضا ، وذلك كالمسائل التي يدركها العقل النظري كحكمه باستحالة الترتّب أو وجوب المقدّمة أو إمكان أو استحالة اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ هذه المسائل تقع عنصرا مشتركا في الاستنباط.
الثاني : الأبحاث العقليّة الصغرويّة التي تكون عنصرا خاصّا ، وترتبط بموارد معيّنة بحيث لا يمكن أن تكون شاملة أو قابلة للتطبيق في غير ذاك المورد ، كالبحث عن مسائل العقل العملي كالكذب والصدق ونحوهما ، فإنّ البحث عن مصاديقهما في الخارج صغرويّا يختصّ بمواردهما فقط ، فهذه لا تكون أصوليّة.